الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمور تراعى عند دعوة الوالدين للإسلام

السؤال

كيف أتعامل مع حماتي التي تضع في غرفتها صورة لرجل تصلي له وأمامه حيث إنها تنتمي منذ صغرها إلى طائفة تعبد ذلك الرجل ورغم أنها تركت بلادها منذ 20 سنة وأتت للعيش مع زوجها"المتوفى حاليا" في فرنسا إلا أنها في كل مرة تذهب فيها إلى بلدها وتجتمع بأهلها وأقاربها المنتمين لنفس الطائفة تتزود بما لا بأس فيه من كره الإسلام والتمسك بما هي عليه وقد حاولت أنا وزوجي وبقية أولادها " ونحن بفضل الله أسلمنا منذ زمن " أن نبعدها عن هذا الأمر بالمنطق والنقاش ولكنها صمت أذنها وأصبح النقاش معها جدلا وخصوصا بعد زيارتها آخر مرة لأهلها أنا أعيش معها بنفس البيت لظرف مؤقت ولكني لا أعلم هل أستمر أنا وأولادها في محاولاتنا أم نتوقف إذ إننا في كل مرة نتكلم معها نحس أن نقاشنا عقيم وأن قلبها مفعم حتى الإشباع بالإشراك وكره الإسلام فنخشى أن يتحول هذا النقاش إلى جدل تهين فيه ديننا فنهين ما هي عليه ونخرج من النقاش كما دخلنا وخصوصا أنها الآن على علاقة مع رجل من تلك الطائفة وتريد الزواج منه ...وإني والله يا شيخي بين نارين فهل أتوقف أنا وأولادها عن الحديث معها بشأن دعوتها إلى ديننا وأكتفي بأن نثبت أنا ومن معي على ديننا وعلى إرضاء ربنا .ونتركها تمارس كفرها بيننا ونحن نتفرج أم أبقى وراءها فلا أترك فرصة يمكن فيها أن نثير الموضوع امتثالا لأمر الله عز وجل أننا علينا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن نغضب لله لما تفعله ...

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن بر الوالدين شأنه عند الله تعالى عظيم، وإن من أعظم البر هداية الوالد إلى الإسلام لأنه إنقاذ له من النار ومن سخط الجبار، فعلى هؤلاء الأبناء واجب دعوة والدتهم إلى الإسلام، ولتكن دعوتهم لها بالحكمة والموعظة الحسنة ومجادلتها بالتي هي أحسن، دون جدال أو مراء، مع تجنب تجريح وسب ما تعتقد أنه إله من دون الله للنهي عن ذلك، قال الله تعالى: وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ {الأنعام: 108} وتقدمت الفتوى رقم: 9726 بعنوان: دعوة الوالدين إلى الإسلام من أعظم الحقوق فيمكن الرجوع إليها

ونلفت عناية الإخوة إلى أمور مهمة عليهم مراعاتها في دعوتهم لوالدتهم:

الأول: الإحسان إليها بالمبالغة في صنع المعروف لها، فإن الإنسان مطيع لمن أحسن إليه، وكما قيل: فطالما استعبد الإنسان إحسان

الثاني: لتكن دعوتكم لها إلى التوحيد أولا من خلال الأدلة العقلية، كما هو أسلوب القرآن في دعوة المشركين، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم : 18262

الثالث: محاولة عدم تركها تذهب إلى أهلها حيث تعيش تلك الطائفة الضالة، بل محاولة إبقائها عندكم، ففي ذلك خير لها، فإنها إن عادت إليهم فلن تزداد إلا تمسكا بما هي عليه من الباطل والشرك

أما عن سؤالك الثاني

فالواجب على أولادها برها والإحسان إليها ومصاحبتها في الدنيا معروفا كما أمر الله: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا { لقمان :14}

ولا يجب عليهم إعطاؤها كل ما تطلب من نقود، بل الواجب هو النفقة عليها عند فقرها وحاجتها إلى النفقة، أما وهي مستغنية فلا يجب عليهم النفقة عليها أو الصرف عليها، لا سيما إذا تزوجت

وأما عن السؤال الثالث عن صلة الأقارب من هذه الفرقة الضالة أو الكافرة؟ فلا تجب صلة القريب الكافر ومودته، لانقطاع الصلة بينه وبين قريبه المسلم، وراجعي الفتوى رقم: 11768 للأهمية

لكن لم ينه الله سبحانه عن برهم والإحسان إليهم، فإن أراد المسلم بر أقاربه من المشركين فليس منهيا عن ذلك إذا لم يكونوا محاربين؛ كما قال الله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة:8}

ومع خشية التأثير على الأبناء فاللازم الحذر من زيارتهم واختلاط الأبناء بهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني