الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إحياء الليل بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

السؤال

كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا ذهب ربع الليل قام فقال: يا أيها الناس، اذكروا الله ، اذكروا الله ، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، قال أبي بن كعب: فقلت يا رسول الله إني أكثر الصلاة فكم أجعل لك في صلاتي (دعائي)؟ قال: ما شئت، قال: قلت: الربع؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير لك، قال: فقلت: فثلثين؟ قال: ما شئت وإن زدت فهو خير لك، فقلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذا يكفي الله همك ويغفر لك ذنبك\" وفي رواية عند الطبراني بإسناد حسن: \"إذا يكفيك الله ما أهمك في أمر دنياك وآخرتك\". ما المقصود بالصلاة هنا ؟ هل يعني أن نجعل قيام الليل مثلا كله نجلس به ونصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم دون أن نعمل شيئا آخر أم ماذا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحديث رواه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح والحاكم وصححه وحسنه الحافظ في الفتح وجود إسناده المنذري وصححه الألباني. أما قوله "فكم اجعل لك من صلاتي" فمعناه كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية في الفتاوى: يعني من دعائي فإن الصلاة في اللغة هي الدعاء قال تعالى: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ{التوبة: 103}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم :اللهم صل على آل أبي أوفي . وقالت امرأة صل علي يا رسول الله وعلى زوجي فقال صلى الله عليه وسلم : صلى الله عليك وعلى زوجك. فيكون مقصود السائل أي يا رسول الله: إن لي دعاء أدعوبه استجلب به الخير واستدفع به الشر فكم أجعل لك من الدعاء؟ ، قال: ما شئت، فلما انتهى إلى قوله: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: صلى الله عليه وسلم: إذا تكفى همك ويغفر ذنبك. وفي الرواية الأخرى، إذا يكفيك الله ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك. وهذا غاية ما يدعو به الإنسان من جلب الخيرات ودفع المضرات، فإن الدعاء فيه تحصيل المطلوب واندفاع المرهوب. اهـ. وقال في موضع آخر: فإن هذا له دعاء يدعو به فإذا جعل مكان دعائه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كفاه الله ما أهمه من أمر دنياه وأخرته فإنه كلما صلى عليه مرة صلى الله عليه عشراً وهو لو دعا لآحاد المؤمنين لقالت الملائكة آمين ولك بمثله فدعاؤه للنبي صلى الله عليه وسلم أولى بذلك. اهـ. وللفائدة راجع الفتويين رقم: 46915، ورقم: 45359. أما إحياء الليل بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فالظاهر مشروعية إحياء الليل بها فقط، قال في الموسوعة الفقهية: المراد باحياء الليل قضاؤه أو أكثر بالعبادة كالصلاة والذكر وقراءة القرآن ونحو ذلك. اهـ. وقال في مراقي الفلاح: معنى القيام أن يكون مشتغلا معظم الليل بطاعة الله وقيل ساعة منه، يقرأ القرآن أو يسمع الحديث أو يسبح أو يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني