الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من صلة الرحم ألا يظن بالقريب السوء

السؤال

اكتشفنا مؤخرا , تقريبا قبل 7 أشهر أن لنا عما شقيق والدنا قد قام بعمل سحر لنا جميعا بحيث قام بعمل ربط لنا (ثلاث بنات) لمنعنا من الزواج ولوالدنا و والدتنا للتفريق بينهما وسحر آخر لأخينا الذي هو زوج ابنتهم ولا نعرف السبب مع أن ابنتهم في أفضل حال وأفضل وضع اجتماعي بالمقارنة مع أخواتها ,ولكن كلما اجتمعنا بهم تحصل المتاعب لنا من الأمراض والمشاكل.السؤال :كيف يتم التعامل معهم من حيث صلة الرحم؟هل يجوز لنا مقاطعتهم ؟أفيدونا أفادكم الله.جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن صلة الأرحام واجبة لقوله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ {النساء:1}. وقال تعالى : فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22}
ولما في حديث الصحيحين: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه.

والعم من ذوي الأرحام الذين تجب صلتهم.

وإن من آكد صلته وحقه أن لا يظن به ظن سوء ويتهم بما ذكر في السؤال من عمل السحر لكم ، هذا إذا كان ما ذكر مبني على ظن وشكوك ، فإن بعض الظن إثم ، قال صلى الله عليه وسلم: "إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث" رواه البخاري ومسلم، فلا يجوز في حق المسلم عموما وفي حق العم على وجه الخصوص لما له من حق القرابة والرحم

أما إذا كان ما ذكر متيقنا كأن يكون أقر بما فعل أو نحو ذلك فعليكم نصحه ، وتحذيره من تعاطي السحر ، والحرص على خلاصه من هذا العمل الكفري، وتوبته إلى الله تعالى منه. وراجعي في حكمه الفتوى رقم: 24767

فلا تقطعوا صلتكم بأقاربكم ، ولو كانت معاملتهم لكم سيئة، فالله يقول: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ *{فصلت:34-35}.

وقد جاء رجل يشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم سوء معاملة أقاربه له فقال: يا رسول الله،إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير مادمت على ذلك. رواه مسلم وأحمد وأبو داود. والمل هو الرماد الحار.

وأعلموا أنكم إذا اتقيتم الله فيهم وصبرتم على أذاهم فإنه لن يضركم كيدهم، فالله جل وعلا يقول: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا [آل عمران: 120]. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فمن اتقى الله من هؤلاء وغيرهم بصدق وعدل، ولم يتعد حدود الله، وصبر على أذى الآخر وظلمه لم يضره كيد الآخر؛ بل ينصره الله عليه.انتهى

فإذا خشيتم على أنفسكم وأردتم اجتناب مشاكلهم فقوموا بالواجب من صلتهم وعدم قطعهم وهو أن لا تهجروهم، فيكفيكم في ذلك أن تتصلوا بهم بالهاتف والسؤال عنهم والسلام عليهم، ولا حرج عليكم بعد ذلك.

قال القاضي عياض: وصلة الأرحام درجات بعضها أفضل من بعض، وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة، فمنها واجب، ومنها مستحب، فلو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لم يسم قاطعا، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له لم يسم واصلا. انتهى

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني