الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحقوق والتبعات المترتبة على الطلاق

السؤال

عندي سؤال هو ليس سؤال ولكنه مشكلة وأريد رأيكم في حلها وجزاكم الله خيرا.
امرأة طلقت بالاتفاق بينها وبين زوجها لكثرة المشاكل بينهما واستحالة العشرة بينهما ورفض أهلها معيشتها معهم بعد الطلاق حتى لا يتحملوا مسؤوليتها وزوجها يرفضها لأنها لا تتحمل مسؤوليتها كزوجة وأم وحاول معها الزوج كثيرا قبل الطلاق وبعده أن يعطى لها فرصة أن تحافظ على بيتها ولكن دون جدوى علما بأنها لديها 4 أطفال وطلب منها زوجها أن تعرفه ما سبب ذلك كان كل ما أجابت بها أنها لا تريد أي شيء لدرجة أنه اقترح عليها أن يوفر لها مكانا تبقى فيه وترعى أولادها ولكنه لم يجد منها سوى الصمت وعلما بأنه حاول معها كثيرا حتى يأس منها
السؤال هو عندما لا تجد من يتحمل مسؤوليتها لا أهلها ولا زوجها هل حرام عليهم أم على زوجها أم عليها؟
وجزاكم الله خيرا وأعانكم على إفادتنا دائما.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه لا يجوز للمرأة أن تسأل زوجها الطلاق دون ضر أنزله بها، لما أخرجه أبو داود والترمذي والبيهقي عن ثوبان رضي الله عنه قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب. وكما لا يجوز للمرأة أن تسأل زوجها الطلاق فإن الشارع الحكيم قد أرشد الأزواج إلى الصبر والتحمل لأخطاء الزوجات. قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)

وقال صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر. أخرجه مسلم في صحيحه. وقال: استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء. أخرجه البخاري. وعند مسلم إن المرأة لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها.

وما نهى الشارع عن ذلك إلا لما يترتب على الطلاق من تفكك أسري وضياع ذرية ضعاف لا ذنب لهم، فلا ينبغي مع هذا أن يكون الطلاق هو أول الوسائل في حل المشاكل الأسرية، وما يلاحظ من تسرع الناس في ذلك إنما هو بسبب البعد عما أمر به الشارع الحكيم من الإصلاح والصبر وتوخي الحكمة في ذلك، فيجب والحالة هذه أن تؤوب المرأة إلى رشدها، وترجع إلى صوابها، وتربى أولادها في كنف أبيهم وتحت رعايته، وتقبل من زوجها ما دعاها إليه من الصلح فهو خير، كما قال تعالى: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {النساء: 128} وإذا لم تقبل الزوجة ولم يمكن الإصلاح فيجب عليها أن تقبل ما دعاها إليه من توفير مسكن لها ولأولادها، فالحضانة واجبة عليها إذا احتاج الطفل إليها، ولم يوجد غيرها من جدة ونحوها كي لا يضيع حق الأولاد في الرعاية والتأديب، كا قال العلماء، فلا يجوز لها أن تترك ذريتها هملا وهي مسؤولة عنهم أمام الله، كما هي مسؤولة عن نفسها وصيانتها، فيحرم عليها أن تتبذل وتذهب إلى الشارع وهي تجد مأوى.. وأما ما يتبع الطلاق من حقوق وتبعات فقد فصلناه في الفتاوى رقم: 20270 ورقم: 8845.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني