الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجها لمن يتقي الله تعالى

السؤال

أنا شاب مضى من عمري (27 عاما) والدي متوفى ومسؤول عن إخوتي (ماديا وتربويا) والدتي موجودة الحمد لله، أدخلت إحدى أخواتي إلى الكلية هنا في الأردن وهي ملتزمة دينيا، تصلي، تصوم كل اثنين وخميس، تقوم الليل، محجبة طبعا، وتعلمون أن هذه الكليات مختلطة مع الأسف، ورغم ذلك سجلتها في الكلية مع معارضة والدتي! المشكلة هي أن هناك شابا من نفس الكلية تقدم لخطبتها وللأسف لم يتوافر فيه شرط الدين الذي طلبه الرسول عليه السلام في الحديث (هو مسلم من غير الملتزمين حيث أنه يعمل في كوفي شوب ودراسته متخصص في الفنادق) لبناني الجنسية وإخواننا في لبنان عندهم تحرر وانفتاح زائد عن الحد الشرعي ونحن من فلسطين وأهلنا ملتزمون نوعا ما ونجد أن هذا أمراً صعبا (خروج البنت واحتمالية سفرها خارج البلاد مع زوجها الغريب عنا حيث يصعب السؤال عنه وعن أهله) مشكلتي العظمى تكمن في استحواذ ذلك الشاب على قلب الفتاة الضعيف وعديم الخبرة بالكلام المعسول وبتعلقه بها مما جعلها تعتقد أن لا مثيل له، طبعا مع المشاكل التي تسمعها أختي من الأزواج من حولنا من أقارب وجيران ومعارف كون لديها فكرة أن الزواج التقليدي -أي بدون معرفة الزوجين المسبقة ببعضهما- لا يصلح لهذا الزمان لأن آخرته تؤدي للتعاسة وعدم الرضى، ألخص لكم الوضع الذي وجدته عن الشاب:1- أبواه مطلقان منذ مدة طويلة.2- مسؤول عن والدته وأخيه الأصغر ماديا.3- مكافح وعامل منذ صغره ولكن في كوفي شوب في عمان يقدم السهرات المحرمة للعشاق بما فيها من معازف وغناء ورقص واختلاط.4- لا يوجد لديه فكر إسلامي أو خلفية دينية تعينه على التعامل مع زوجته أو أولاده في المستقبل.5- أمه غير محجبة (رأيت صورتها مكبرة على حائط غرفة الضيوف في بيتهم)6- خاله وسيده في العمل (صاحب الكوفي شوب) يلبس سنسال من الذهب الخالص، وهو الذي طلب مقابلتي للحديث في موضوع خطبة ابن أخته.7- مضى من عمره 27 عاما.8- والده لبناني ووالدته سورية.9- يعشق الفتاه والفتاه تعشقه (للأسف).10- أبدى استعدادا لأن يغير عمله من أجل أن يحصل على موافقتنا (أهلها).11- أعمامه في لبنان وأخواله في سوريا ولا يوجد له أحد هنا سوى خاله، في ضوء ما طرحته عليكم لقد رفضت موضوع زواج ذلك الشاب من أختي وذلك لأمر النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف : "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه" وأنا للأمانه عندما سألت عن أخلاقه وجدته ذو صيت طيب، أما الدين فكما أسلفت لكم، مع العلم بأن الشاب ذهب إلى خالي فجأة وطلب منه أن يساعده في إقناعي فقال له : "كيف أساعدك وأنا غير مقتنع فيك وفي وضعك؟!" إن جوابكم على أسئلتي التالية سأستخدمها مطبوعة لأجعل أختي تقتنع بأن تعلقها بذلك الشاب غير شرعي وغير منطقي، أما أسئلتي:1- هل أنا آثم لأنني رفضت رغبة والدتي في عدم تعليم أختي، وهل أنا آثم لأنني سمحت لها بالخروج من البيت لهدف الدراسة التي أدت إلى ذلك العشق؟2- هل وضع ذلك الشاب مناسب لوضع أختي لكي أوافق على مثل هذا الزواج؟3- إذا لم تقتنع أختي بوجهة نظر أهلها بالرفض فما السبيل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن إقدامك على تسجيل أختك في كلية يختلط فيها الرجال والنساء اختلاطاً محرماً وسيلة إلى الوقوع فيما لا تحمد عقباه، ولعل ما حصل لك ولها هو من أخف الأضرار المترتبة على ذلك، وكان من الأولى أن تعين أختك على استقامتها ولا تقدم مصلحة دراستها في الكلية المذكورة على مصلحتها الأخروية بل والدنيوية، أو تقدم مصلحتها على آخرتك أنت.

أما الآن وقد حصل ما حصل فلا شك أن هذا الشاب الذي ذكرت ليس كفؤا لأختك، وكيف ترضى أنت أو ترضى هي، وهي الملتزمة بصلاتها وصيامها وحجابها أن تكون تحت زوج عمله في الحرام وكسبه من حرام ومهنته لا تعين على طاعة الله تعالى.

والرسول صلى الله عليه وسلم وهو الموجه والمرشد الحقيقي الذي وصفه ربه سبحانه وتعالى بأنه رؤوف رحيم بأمته يقول: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي. فمفهوم الحديث أن غير المرضي دينا وخلقا لا يأمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بقبوله زوجا، وقد استشار رجل أحد السلف فيمن يزوج ابنته فقال: زوجها لمن يتقي الله تعالى، فإن أحبها أكرمها، وإن كرهها اتقى الله فيها.

لذا فإنا ننصح بالإعراض عن هذا الفتى، وانتظار أن يأتي الرجل المرضي دينا وخلقا، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، ما لم تترتب على ذلك مفسدة أعظم كالوقوع في الفاحشة، ولتراجع أختك الفتوى رقم: 5707، والفتوى رقم: 9360، والفتوى رقم: 9463.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني