الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من لم يطف الإفاضة ثم حج عن غيره

السؤال

ذهبت أمّي لأداء فريضة الحجّ لكنـّها لم تقم بطواف الإفاضة خوفا من الزحام. ولمـّا رجعت إلينا كانت تعتقد أن حجّتها صحيحة. وقد عادت أمّي إلى الحجّ بعد بضع سنين لتحجّ عن أخي المتوفـّى في حادث سيّارة وحجّت عنه ونوت الحجّ له وقامت بجميع الأركان منها طواف الإفاضة. وبعد الرّجوع من الحجّ علمت أن حجّتها الأولى ناقصة وغير صحيحة ، وأنـّها لا يمكن أن تحجّ عن أخي إلاّ إذا حجّت عن نفسها.السـّؤال : هل حجّتها الثـّانية عن أخي تكتب لها رغم النـّية الـّتي نوتها له؟ أو هي لا تكتب لا لها ولا لأخي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن تركت طواف الإفاضة عمدا أو سهوا أو أدته على وجه لا يجزئ معه، أو منعها منه مانع من مرض، أو نحو ذلك، وكانت قد وقفت بعرفة فالواجب عليها أن ترجع من المكان الذي وصلت إليه حتى تأتي بالطواف، لأنه ركن من أركان الحج التي لا تجبر بدم، ولا يصح الحج بدونها إلا إذا كانت مفردة أو قارنة وكانت قد سعت بين الصفا والمروة بعد طواف القدوم وطافت للوداع فإن حجها صحيح، ويقع طواف الوداع عن طواف الإفاضة وإن كانت قد نوت به الوداع، وهذا مذهب الشافعية.

وذهب المالكية إلى أنها إذا كانت ذاكرة عند طواف الوداع أنها لم تطف الإفاضة ثم طافت بنية الوداع لم يجزها عن طواف الإفاضة، قال الدردير في الشرح الكبير: وطواف الإفاضة إذا فسد فإنه يرجع إليه إلا أن يتطوع بعده بطواف صحيح فيجزئه عن الفرض الفاسد ولا يرجع له، نعم إن كان بمكة طولب بالإعادة كما قاله بعضهم، وظاهره وجوب الإعادة ولا دم إذا تطوع بعده أي وكان غير ذاكر فساد الإفاضة، وإلا لم يجزه كما استظهره بعضهم. ونقل عليش عن الجزولي قوله: لاخلاف إذا طاف للوادع وهو ذاكر للإفاضة أنه لا يجزئه.

ولا دم عليها لعدم الإتيان بطواف الوداع لأنه سنة عند المالكية، وبناءً على هذا الافتراض فحجتها الأولى صحيحة تامة، وحجتها الثانية أيضاً صحيحة، وهي واقعة عمن نوتها له. وأما إذا كانت لم تسع بعد طواف القدوم، أو كانت متمتعة، فإن عليها أن تعود وتأتي بالطواف ثم السعي ولا يحصل لها التحلل الثاني إلا بفعلهما، والذي تمتنع منه قبل فعل ذلك هو الاستمتاع بالزوج وتمكينه من ذلك كالوطء والمباشرة، ولو حصل ذلك منها فعليها الفدية، لا فرق في ذلك عندهم بين العمد والسهو، وعليها هدي آخر لتأخير الطواف والسعي عن ذي الحجة ، قال الحطاب في مواهب الجليل: ففي الموازية لمالك: من جهل فلم يسع حتى رجع إلى بلده فليرجع متى ما ذكر على ما بقي من إحرامه حتى يطوف ويسعى، وقال في رواية ابن وهب: وأحب إلي أن يهدي بخلاف رواية ابن القاسم، والأحسن فيه أن يراعي الوقت، فإن رجع قبل خروج أشهر الحج فهو خفيف، كما لو أخر الطواف والسعي إلى ذلك، وإن خرج الوقت فعليه الدم لفوات الوقت. انتهى. ( قلت): والذي قاله ظاهر، وهو الذي يفهم من كلام ابن المواز الذي نقله ابن يونس وعبد الحق فيعتمد عليه. ما ذكره صاحب الطراز عن الموازية يحمل على ما إذا لم يطل الزمن، ولم يدخل المحرم، وإلا فهو بعيد.

وأما إحرامها بحج أو عمرة قبل تحللها التحلل الثاني فلا يصح .

وعليه؛ فالحج الثاني الذي قامت به يعتبر لاغيا ويكون طوافها وسعيها تتميما لحجتها السابقة ولا يقع عن غيرها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني