الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

عندي بنتان في مرحلة الجامعة, وأنا آمرهما بلبس الحجاب ولكنهما ترفضان لبس الحجاب, وتعبت معهما جدا في ذلك أكثر من ست سنوات , واستخدمت معهما جميع الوسائل . وأنا الآن أكرههما وأدعو عليهما بأن يبتليهما الله بمرض السرطان . لأنهما استهزأا بالحجاب وقالتا:(يلعن الحجاب واللي بيلبسوا الحجاب) . فأنا غضبان عليهما وقلبي في أشد الغضب عليهما ولن أترك الدعاء عليهما حتى أموت أنا أو تموتان هما . فهل أنا آثم في استمرار الدعاء عليهما؟ أرجوكم أنا لا أريد نصائح تربوية، بل أريد حكم الدعاء عليهما هل يلحقني إثم بسببه أم لا؟ فأنا مستمر في الدعاء عليهما في كل وقت وحين . وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فدعاء الأب على بناته بالأمراض لا ينبغي ولا يحل المشكلة ولا فائدة منه، بل عليه أن يذكرهن بالله تعالى، وبحرمة السفور والتبرج وبنعمة الله عليهن، فخير له أن يدعو لهن بالصلاح والاستقامة وحسن الحال، بل قد ذهب جمع من العلماء إلى حرمة ذلك. ففي غمز عيون البصائر بشرح الأشباه والنظائر للحموي قوله: وفي تحفة الراغبين أيضا أنه لا يباح الدعاء على أحد من المسلمين بالطاعون ولا بشيء من الأمراض ولو كان في ضمنه الشهادة. كما لا يجوز الدعاء بالغرق والهدم ونحوهما بلا موجب. وكذا الدعاء عليه بالموت. وفي كلام الكرابيسي ما يشعر بكراهته دون تحريمه فإنه قال: لو دعا على غيره لم يجب عليه التعزير. وقال الدمياطي في حاشية إعانة الطالبين: ويكره للإنسان أن يدعو على نفسه أو على ولده أو ماله أو خدمه لخبر مسلم في آخر كتابه وأبي داود عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسئل فيها عطاء فيستجيب له. وأما خبر إن الله لا يقبل دعاء حبيب على حبيبه فضعيف. اهـ. وقال الجمل في حاشيته على فتح الوهاب: الظاهر أن المراد بالدعاء الدعاء بنحو الموت، وأن محل الكراهة عند الحاجة كالتأديب ونحوه، وإلا فالذي يظهر أنه بلا حاجة لا يجوز على الولد والخادم.اهـ. وبهذا يعلم السائل أنه لا يحق له الدعاء المذكور على بناته، وأن أقل أحوله أن يكون منهيا عنه ولا فائدة من ورائه أيضا، فلا ينبغي له الاستمرار فيه أو الإصرار عليه. وأن الأولى له أن يدعو لهن بالهداية والتوفيق لأوامر الله عز وجل ولصلاح حالهن، وأن يأمرهن بالحجاب والستر وينهاهن عن السفور والتبرج فهذا هو واجبه نحوهن قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ{التحريم:6}. وإن استطاع أن يرغمهن على الحجاب من دون أن تترتب على ذلك مفسدة أعظم من تركهن له وجب عليه ذلك. وتراجع الفتوى رقم:28754، والفتوى رقم: 19482، والفتوى رقم:27921.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني