الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

صديقي كان قد ارتكب بعض كبائر الذنوب وكان يحس عندما يقبل على الفاحشة أن فيه شيئا يدفعه بقوة إليها وبالصدفة صادف شيخا يعالج الذين فيهم مس فأراد أن يكشف عليه فكشف عليه فوجد الشيخ أن فيه جنيا فلم يصدق صديقي وحتى أنا لم أصدق هذا لأنه كان طبيعيا وليس فيه أي علامة تدل على ذالك فقرأ عليه الشيخ حتى ذهب عنه المس بسهولة
السؤال هل يدخل صديقي ضمن الذين قال الله تعالى عنه ولا على المجنون من حرج أم لا إن كان لا فماذا عليه أن يفعل بعد إن ارتكب بعض كبائر الذنوب ومنها الزنى ؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى له الهداية والتوفيق والتوبة النصوح

وأما عن الرغبة التي يجدها والدافع الذي يدعوه إلى ارتكاب المحرمات فذلك من فعل الشيطان والنفس الأمارة بالسوء وضعف الوازع الديني، والإنسان عرضة لذلك والشيطان قد أقسم على غواية بني آدم إلا عباد الله المخلصين، كما في قوله تعالى على لسانه: فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ {الزمر: 82-83} فمن أطاعه وأتبع نفسه هواها فقد صدق إبليس ظنه، ومن عصاه وترك ما يزينه له من المعاصي ورغب فيما عند الله وأقبل على طاعته نجى وسلم وكان من المخلصين.

وأما مسألة المس والجنون فالظاهر سلامته من ذلك كما ذكرت، ولا عبرة بقول المشعوذين ممن يأكلون أموال الناس بالباطل ويتعاملون بالسحر والكهانة، لكن لو فرضنا أنه مصاب بالمس فإنه مادام عقل الإنسان معه يعي ما يصدر عنه فهو عاقل مكلف بالأحكام الشرعية ومؤاخذ بما يصدر منه، لأن مناط التكليف هو العقل لما أخرجه أبو داود في سننه من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبرأ، وفي رواية حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم.

هذا، مع التنبيه إلى أنه ليس في كتاب الله آية بنفس اللفظ الذي ذكرت ولعلك تقصد قوله تعالى: وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ. فينبغي التثبت قبل نسبة اللفظ إلى كتاب الله لما في ذلك من القول على الله بلا علم والافتراء عليه، وقد قال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ {النحل: 116} فيجب الحذر كل الحذر من تعمد ذلك.

وأما الواجب على الأخ فيما ارتكبه من المعاصي والذنوب فهو التوبة النصوح فإن الله يقبل توبة عبده ويفرح بها ويغفر الذنوب جميعا لمن تاب كما قال: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ. وقال: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53}

وقد بينا أنواع الزنا وما يفعله من وقع في ذلك في الفتوى رقم: 20064 فنرجو مراجعتها والاطلاع عليها.

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني