الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا شاب في الـ 23 من عمري، لقد عشت فترة من الانقطاع بين أبي وأمي مدتها 7 سنوات رغم عيشهما في بيت واحد فهما ينامان في غرف مستقلة ولا يتدخلان في موعد خروج وعودة كل منهما إلى المنزل, ولا يربطهما أي تنظيم في البيت إلا المادي وقد اكتشفت مؤخراً أن أمي تقابل رجلا آخر وتكلمه على الهاتف وهو كان قد تقدم لخطبة أختي ورفضته لفارق السن وأنا لا أستطيع مواجهتها بالأمر وأبي لا يسمح لي بالتدخل بالموضوع، رغم أني واثق أن أمي ستنكر ذلك وتخبر الجميع أني عاق وألطخ سمعة أمي، وأنا بصراحة خائف من أن يعتبرني الله ديوثاً وخائف من أن أتسبب بطلاق أمي وخاصة أن إخوتي الصغار يبلغون 9 سنوات وهم متعلقون بأمي، ولكن أنا بدأت أكره أمي وأتمنى الموت لي أو لها، وأنا قريباً سأسافر للخليج للعمل خارجاً، أرجو إرشادي ماذا أفعل وأنا خائف أن أعتبر عند الله عز وجل ديوثاً (وأنا أحافظ على صلواتي الفرض والسنة قدر الإمكان)؟ أرجو الرد على بريدي الإلكتروني سريعا. وشكراً .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله سبحانه أن يصلح أحوالكم، وأن يتوب على والدتك من هذه المعصية وهذا الذنب، وما يجب عليك هو نصحها بلين وأدب وتحذيرها من عقوبة هذا العمل بشفقة وحرص على إنقاذها، فهذا إبراهيم الخليل عليه السلام يخاطب أباه المشرك الكافر بقوله: يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا {مريم:45}، ولما رفض الاستجابة رد عليه بقوله: قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا {مريم:47}.

فإذا أنكرت ما تفعله أمك بقلبك وأنكرته بلسانك، فلا تكون ديوثاً حينئذ، فالديوث هو من يقر الخبث في أهله، وأنت لم تقره، وهذه المشكلة ربما تكون بسبب الانقطاع الطويل الحاصل بين الزوجين ولا شك أن هذه القطيعة لا تجوز.

وأن هذا الوضع لا يرضاه الله سبحانه وليس هو الذي يهدف إليه الشرع من الزواج حيث إن الهدف من الزواج هو بناء أسرة يسود بين أفرادها الود والرحمة ويسكن فيها الجميع، ويجد فيها الأبناء المحضن المناسب ليتربوا فيه تربية سوية، ولا ندري ما سبب هذه القطيعة ومن المتسبب فيها حتى توجه له اللوم وينصح بالعودة إلى الصواب، ولكن على كل حال فإنها لا تجوز بغض النظر عن المتسبب.

حتى لو فرض أنها حصلت برضا الطرفين وبتنازل كل منهما عن حقه على الآخر، وإسقاطه ما يجب له على الآخر، فإنها يترتب عليها كثير مما يتنافى مع الحكمة التي شرع من أجلها الزواج، ثم إن حق القوامة على المرأة لا يسقط وليس للزوج التنازل عنه، وحق القوامة يقضي بأن يقوم على تربية أهله وولده ويمنعهم من ارتكاب المعاصي، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم:6}، ولا يجوز له أن يترك لزوجته الحبل على الغارب فلا يعرف أين تذهب ومن تقابل ومع من تتحدث.

وأما إن كان سبب هذه القطيعة من أحدهما فإنه يأثم ويوجه إليه اللوم والعتاب ويطالب من قبل الآخر بالحق، فلو كان الهجر من الزوج فللزوجة مطالبته بحقها في الوطء أو طلب الطلاق ورفع أمرها إلى القاضي، وإن كان من الزوجة فللزوج الحق أن يطالبها بحقه في الوطء وإلا كانت ناشزاً تعامل معاملة الناشز.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني