الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلب الطلاق بسبب شرب الزوج الخمر

السؤال

أنا شاب متزوج منذ سنة ونصف وكنت أشرب الخمر قبل الزواج ثم نويت أن أتركه إلى الأبد وأتوب إلى الله وتركته فعلا وهذا قبل الزواج ثم خطبت امرأة صالحة وتزوجت منها إلا أنني بعد الزواج بفترة عدت إلى الشرب في بعض الأحيان مع أنني أشرب الخمر وغير مقتنع بها ولدي الرغبة في تركها نهائيا وكانت زوجتي كل ما تراني سكران تطلب مني تركه وأنا أقول لها إن شاء الله إلا أنها في آخر مرة تركت البيت دون إذني وذهبت إلى بيت أهلها وطلبت مني الطلاق مع العلم أنها لم تتضرر من شربي للخمر في أي شيء وأنا لا أريد أن أطلقها ومتمسك بها وليس لدي أطفال منها.
أرجو أن تفيدوني أثابكم الله وجزاكم عني خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن للزوجة الحق في طلب الطلاق بسبب فسق الزوج وتقدم بيانه في الفتوى رقم 33363.

ولا يفوتنا توجيه نصيحة للأخ السائل لعل الله أن ينفعنا وينفعه بها فنقول :

لسنا بحاجة أن نقرر حرمة الخمر ولا ما ورد فيها من وعيد لأنه قد سبق بيانه في فتاوى كثيرة منها الفتوى رقم 54802، ولاعتقادنا أن السائل يدرك هذا ويسلم به ، ولسنا بحاجة إلى إقناعه بتركها وترغيبه في ذلك لأنه كما قال غير مقتنع بها ولديه الرغبة في تركها نهائيا.

ولكن نحاول أن نضع أيدينا على أصل المشكلة فإن مشكلة تعاطي الخمر وغيرها من المعاصي سببها الرئيس ضعف الإيمان كما ثبت ذلك في الحديث: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن. رواه البخاري ومسلم.

ومن المقرر أن الإيمان يزيد وينقص ويقوى ويضعف، ولزيادة الإيمان وقوته أسباب سبق بيان جملة منها في الفتوى رقم 29982.

كما أن الخمر من عمل الشيطان عدو الإنسان الأول كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90].

ولذا ينبغي الحذر والاستعاذة من شره، وسبق لنا فتوى بعنوان الأسباب المعينة على التخلص من غواية الشيطان برقم 33860.

فتب أخي وفقك الله من شرب الخمر وخالف الشيطان وعمله والنفس الأمارة بالسوء وما تهوى، وتصالح مع زوجتك الصالحة ولا تفضل عليها أم الخبائث الخمر

وافعل كما قال الأول:

خالف هوى النفس والشيطان واعصهما * وإن هما محضاك النصح فاتهم

فالنفس كالطفل إن ترضعه شب على * حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم

وفقك الله لما يحب ويرضى وعصمنا وإياك من الشيطان الرجيم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني