الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم بيع الكلية لقضاء الدين

السؤال

أنا فلسطيني، أعيش بدبي مع أهلي، كنا نعيش في سوريا، المهم أني جئت إلى هذا البلد منذ ثلاث سنوات، ومن اليوم الذي أتينا فيه إلى هذا البلد وأبي يبحث عن عمل، وأخي سافر إلى كندا ليدرس، وليس بالعائلة أحد يعمل غيري، فاقترح أبي بأن نفتح مطعمًا، لأنه لم يجد عملًا لكبر سنه، فقلت له: لا يوجد لدينا مال، فاقترح أن نأخذ قرضًا من البنك، فقلت له: إن البنك حرام، فقال: نأخذ قرضًا من البنك الإسلامي، فقلت له: بأنه حرام أيضاً.
المهم أنه في النهاية أخذ القرض من بنك دبي الإسلامي وفتحنا المطعم، وطبعا كما كنت متوقعًا أنه سوف يحصل شيء، وهو أنه لم يكن معنا مال لفيز العمال، وذات يوم جاءت إدارة الهجرة والجوزات إلى المحل، فوجدت العمال بغير فيز، فأخدوهم إلى السجن، وأخذوا أبي معهم، وتدينا بعض المال لندفع المخالفة، فخرج العمال وأبي من السجن، وقررنا أن نبيع المحل، وهذا بسبب القرض الربوي الذي أخذناه من البنك، وأصبحت علينا ديون كثيرة للبنك وللناس الذين أخدنا منهم أموالًا، والتي تصل إلى أكثر من مائة ألف درهم، وهذا المبلغ طبعًا لا يمكن أن نسدده أبدًا، لأن إخوتي الاثنين بالمدارس والجامعات، وأنا وأمي وأبي نعيش هنا، يعني: العائلة كلها على راتبي، ويستحيل أن يكفينا ونسد منه الدين.
المهم الله عز وجل فتح على أبي، ووجد عملًا، ومع ذلك لا يكفي الراتب حتى نسدد الديون، وقد سمعت أن بعض الناس يبيعون كلاهم بالمغرب، فسألت عن هذا الشيء ووجدته صحيحًا، وتباع الكلية بـ 300 ألف درهم، وبهذا المبلغ يمكن أن أسدد ديون أبي كلها، وأشتري لأهلي بيتا بسوريا، لأننا لا نملك بيتًا إلى الآن، وأشتري لأبي سيارة يعمل عليها بسوريا.
فما رأي الإسلام في هذا الشيء؟ هل هو حرام أم حلال؟ خاصة بعد معرفتكم للظروف المحيطة، وأنا مضطر للبيع، وطبعًا أنا سوف أبيع كليتي دون علم أهلي. فهل يمكن أن ترسلوا لي الجواب كي أذهب وأنا مطمئن ومرتاح البال.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الله تعالى كرم الإنسان على كثير من خلقه، كما قال الله تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا [الإسراء:70].

وبموجب هذا التكريم يحرم عرض أعضاء الإنسان للبيع، فالبيع هو مبادلة مال بمال بالتراضي، وجسم الإنسان ليس بمال حتى يعرض للبيع، هذا وقد صدر قرار عن مجمع الفقه الإسلامي برقم1 عام 1988م: أنه لا يجوز إخضاع أعضاء الإنسان للبيع بحال من الأحوال، سواء كان بسبب قضاء دين أو غيره.

يضاف إلى هذا أن والدي السائل يرفضان ذلك، وهذا يؤكد التحريم لما فيه من العقوق والإيذاء للوالدين، فليس أمام السائل إلا الاستعانة بالله تعالى، والبحث عن وسائل مشروعة لسداد هذه الديون عسى الله أن يفرج عنه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني