الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المرأة.. وقضية سفرها بدون محرم

السؤال

أنا صحفية بجريدة إخبارية تصدر يوميا ، محررة في القسم السياسي ، عمري 39 سنة ولا زلت عزباء ولم يحصل أن ارتبطت قط. وطبيعة عملي تستدعي مني التنقل و السفر إلى حيث الحدث، سواء كان محليا ببلدي أو خارج البلد، لم يحصل أن بتّ قط خارج البيت و أنا أعيش مع عائلتي في كنف والدي وسط عائلة محافظة ، و لأني تربيت بهذا الشكل أتحفظ كثيرا على المهمات الخارجية التي أضطر أن أبيت فيها خارج بيتي.
ولأن شرط السفر بالنسبة لعائلتي هو وجود محرم معي ، فقد تحججت كل مرة بحجج منعتني حتى الآن من السفر والمبيت خارجا.
ولأنني أعيش في بلد مسلم وتسافر النساء فيه بحرية أصبحت أجد صعوبة في التنصل من المهمات التي يفرضها العمل، مع العلم أنها قليلة وليست كثيرة لأن كثيرين وكثيرات يقبلون بها بدلا عني.
اسأل إذا كان هناك ترخيص شرعي لسفر المرأة دون محرم للمهمات في إطار العمل، أي تسافر المرأة في مجموعة ويكون التكفل فيها تاما، بل قد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى عدم مغادرة المكان الذي يجري فيه الحدث، مؤتمر مثلا.
كما أسأل عن الطريقة المثلى التي يمكن لامرأة في سني أن تسير بها حياتها في ظل عدم وجود زوج ، لأن الله لم يكتبه بعد ، ثم أن الإخوة تزوجوا و أصبحت لكل منهم حياته والوالد مسن، ثم إن الحالة المادية لا تسمح بالتكفل بالمحرم في كل مرة أرادت المرأة فيها أن تسافر أو تتحرك، حتى داخل البلد. الرجاء الرد بإسهاب وجزاكم الله عنّي خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الإسلام يحرص على الحفاظ على النساء وعفتهن وسلامة دينهن وأعراضهن مما يخدشها، فقد أمرهن بالقرار في البيوت، كما قال تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ {الأحزاب: 33} وأباح لهن الخروج لقضاء حاجتهن في حدود الشرع، كما في حديث البخاري: قد أذن الله لكن أن تخرجن لحوائجكن.

ويتعين أن تحرص الخارجة عند الحاجة على الالتزام بالحكم الشرعي في لباسها وبعدها عن مخالطة الأجانب والسفور والخضوع بالقول عند لقائهم وعدم الكلام لغير حاجة معهم، وعليها أولاً أن تسعى في عمل منزلي كالخياطة والصناعة المنزلية وتتخذ من محارمها من يسوق لها إنتاجها، أو على عمل يختص بالنساء كالتطبيب والتدريس للنساء ، فإن اضطرت لعمل آخر يضطرها للخروج من المنزل فلتلتزم بالضوابط الشرعية، فإن احتاج العمل لسفرة داخل المدينة فلا حرج في ذلك، ما لم تحصل خلوة بالسائق الأجنبي، وإن كانت السفرة خارج المدينة وكانت تعتبر سفرا في العرف، فعلى المرأة أن تحتاط في ذلك فتصطحب معها محرما، لحديث البخاري ومسلم: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. وفي رواية: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة.

قال النووي: كل ما يسمى سفرا تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، لرواية ابن عباس المطلقة: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. وقد ذكر ابن حجر في الفتح والنووي أن هذا متفق عليه بين العلماء؛ إلا في الحج والعمرة والهجرة من دار الحرب.

وبناء عليه، فإن لم يتيسر المحرم فأقنعي أصحاب العمل بعدم استطاعتك للسفر خارج المدينة، واعلمي أن التزامك بتقوى الله سيعوض لك ما قد يفوتك من أجرة السفر، فقد قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2-3} وفي الحديث: إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا أبدلك الله به ما هو خير لك منه. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط والألباني.

وأما عن سؤالك عن الطريقة المثلى لامرأة في سنك؟ فإنا ننصحك بالاستعانة بالله وبذل الأسباب المشروعة في الزواج بمن يرتضى دينه وخلقه، فإنه لا شيء أمثل للمرأة من عيشها في بيتها بين زوجها وأولادها، فإن الله شرع رعاية المرأة في كل أحوالها، فأوجب على الأب نفقتها ورعايتها حال الصغر، وأوجب على الزوج والأبناء رعايتها حال الكبر.

ولا بأس أن تعرضي نفسك على من ترتضينه من الأكفاء بواسطة محرمك أو إحدى محارمه أو بواسطة المراسلة، ولا بأس كذلك بقولك بأن تكوني زوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة عند رجل مسلم ملتزم بدينه، وإن لم يتيسر ذلك فعليك بالاقتصار على كسب لا يستدعي منك السفر دون محرم والظهور أمام الأجانب والاختلاط، فقد كانت أم المؤمنين زينت بنت جحش صناع اليد، وكانت كثيرة الصدقات من إنتاج شغل يدها.

وراجعي للمزيد في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: 6219، 3859، 10021، 32981.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني