الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

للزوجة الثانية من الحقوق كما للأولى

السؤال

أنا في أمس الحاجة لفتواكم الكريمة وأتمنى أن يأتيني ردكم قبل فوات الأوان لأني أعاني من مشكلة منذ قرابة سنة والآن حالتي الصحية والمعنوية في تدهور لا أحسد عليه... مشكلتي أني تزوجت من رجل متزوج ولديه ذرية ومن بلد عربي مسلم لكن بلده لا يسمح بالزواج من أجنبية إلا بترخيص، مع العلم بأن هذا الترخيص بإمكان أي إنسان أن يحصل عليه لو لديه نفوذ أو.... إلخ، المهم نحن تزوجنا ببلد عربي آخر يعني على سنة الله ورسوله بولي وشاهدين أمام شيخ رجل دين وقد وصى زوجي بي خيرا، اتفقنا على أن أبقى في هذا البلد وزوجي يقوم بزيارتي كل 3 أشهر وخلال 6 أشهر الأولى لم أر منه إلا حسن خلق ولم أسمع منه إلا الكلمة الطيبة وكنت أحاول جاهدة أن أكون له نعم الزوجة المحبة الوفية وألبي كل رغباته وطلباته وبالأخص العلاقة الحميمة التي كنت أحس أنه في حاجة لإشباعها يعني عملت كل شيء على إرضائه ومن أجل أن أكون دوما عند حسن ظنه، وصبرت على تهاونه في حقوقي لأنه وعدني بأن يفتح لي بيتا في بلده وأعيش بقربه للأبد، بصراحة القصة طويلة وباختصار إني سافرت لبلده ولكن لم أجد الإنسانية وحب الأخوة التي كنت انتظرها سواء من الزوجة الأولى ولا من أهله أشعروني أنه غير مرغوب في وأهانوني بشتى الوسائل سواء الشتم وبعدها أخذني زوجي لفندق وتركني هناك وبسبب عمله الذي يجبره أن يبقى بعيدا عن البيت لعدة أيام، وكان خلال تواجدي يبقى معي غالب الوقت ولكن في كل يوم يرجع إلى بيته ويقضي حاجاتهم وأنا كنت أحزن لأني أعرف أن هذا ليس عدلا اتجاهي فأنا لن أبقى إلا مدة قصيرة معه وسأرحل عنه بسبب قصر تأشيرتي.. وأهله من جهتهم يعكرون علينا سعادتنا باتصالاتهم الهاتفية الدائمة وطلباتهم السخيفة، مع العلم بأنهم لا ينقصهم شيئ فلهم بيت فاخر وخادمة وكل ما يتطلب ولكن أنا ليس لي إلا تلك الأيام القليلة التي كانت كل ساعة أو دقيقة أو ثانية منها ثمينة للغاية، كنت أريد أن أعيشها بكل حبي ووجداني معه... ورجعت وانقطعت عني مكالماته وأصبح يتهاون في كل الأمور خلال سنة لم يرسل لي إلا 4 مرات بنفقتي وحتى الآن لم أحصل على مهري وأعيش هنا بقرب بنتي وتقريبا على نفقتها.. قرأت فتاوي كثيرة ولكن لم أجد مشكلة تشبه معضلتي... وعدني بزيارته ولكن أخلف وعده بادعائه أن ظروفه المادية لا تسمح له بالسفر لي، مع العلم بأن عمله وراتبه أكثر من جيد، سافرت إليه مرة أخرى بتأشيرة قصيرة عسى أتفهم الوضع لكني هذه المرة طالبت بحقوقي يعني بالعدل في كل شيء، ولم أبق معه إلا فترة وجيزة.. وكانت نفس المعاملة بل أسوأ أصبحت أسمع منه كلاما جارحا سواء يقبحني أو يقلل من قدري كقوله أم الأولاد أفضل منك.. وحتى هذه اللهجة لا تشعرني بالنقص لأنه أدرى مني بأم أولاده وأدرى بي، أعتذر لأني لا أريد أن أغتاب هذه المرأة.. أشفق عليها من كرهها لي.. وأنا رغم ذلك أحاول معه أن أريه الصواب، ولكن كان يتركني في ذلك الفندق اللعين ويذهب لبيته وأولاده وكم مرة قلت له أن هذا من حقي لأني لا أراه إلا نادرا... شيخي الكريم أنا لا أطلب المستحيل ولست من النوع الذي يهتم بأمور الدنيا الفانية -ذهب أو زينة أو بيت فاخر- يكفيني ولو غرفة بسيطة تكون بيتا لنا، لا يهمني بيته الفاخر ولا خادمته، كل هذه الأمور بالنسبة لي تافهة، الآن حالتي الصحية ساءت للغاية -انهيار عصبي حاد- ومنذ أسبوع لم يصلني أي خبر عن زوجي وأنا بعيدة عنه فلا هاتف ولا رسالة ولا نفقة ولا....... ورغم ذلك أحتسب لله وأسأل الله أن يجعل لي من أمري مخرجا ويجمعني بزوجي الحبيب، مع العلم بأني أكبر زوجي بعدة سنوات ولكن أعلم أن هذا ليس عائقا بالنسبة له، فهو اختارني وأحبني، ولكن أريد أن أعيش بقرب زوجي وأهم شيء أريد أن أكون له زوجة في الآخرة -مع العلم بأني كثيرة الاحترام لشخص زوجي ولم أسمعه أبدا كلمة غير لائقة... فطبيعتي وأصولي لا تسمح لي بذلك... هل يعني أن زوجي يشعر بنقص ما؟ عجيب أمره؟ قلت له أسأل الله لك العافية والهداية... فيرد علي -من قال لك إني ضــــــــال-!! غريب، أشعر بالإحباط الشامل والذل والهوان لأني لا أستحق هذه الفظاظة.. أين الرحمة يا إخوتي؟ هل انعدمت من عالمنا؟ الرحمة الرحمة بالله عليك يا شيخي الكريم ما حكم الإسلام في معاملة أهله لي رغم أني لا أشعر بأي غيرة ولا حسد اتجاه الزوجة الأولى وأدعو لهم بالهداية... جردوني من كل شيء كل حقوقي مهضومة يالله ماذا أفعل؟ ضاقت بي الدنيا وأتعبت بنتي معي ولا أحد يرحمني حتى زوجي أصبح قاسي القلب، ما العمل أرشدوني بارك الله فيكم لا تنسوننا من الدعاء، أعيش الآن بأدوية مهدئة وينتابني بعض الأحيان ألم في الصدر جهة القلب وفي الكتف بسبب الضغوط، أعتذر على الإطالة وأفكاري المشتتة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبداية ندعو الله تعالى للأخت السائلة أن يفرج همها وأن يكشف كربها، وأن يعافيها ويجمع بينها وبين زوجها على خير ويصلح زوجها ويهديه، ونوصيها بالصبر واحتساب الأجر، فإن المؤمن أمره كله خير لأنه إن أصابته شدة وضراء صبر، وإن أصابته سراء وعافية شكر، وفي كلا الحالتين هو في خير.

وأما بشأن سؤالها عن حكم معاملة أهل زوجها لها، فإنه لا يجوز شرعاً إهانة المسلم أو احتقاره أو ظلمه، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره... الحديث. ولا يجوز للزوجة الأولى أن تسيء إلى أختها المسلمة أو أن تظلمها أو تحرض الزوج على ظلمها، فالغيرة الفطرية من الضرة وإن كانت لا تؤاخذ عليها المرأة إلا أنه لا يجوز أن تحملها هذه الغيرة على الوقوع فيما حرم الله مما ذكرنا.

وعلى الزوج أن يعلم أن زوجته الثانية كالأولى لها عليه من الحقوق ما للأولى، فعليه أن يتقي الله في زوجته فإنها أمانة في عنقه، وبينه وبينها عهد الله وميثاقه الغليظ، وأن يؤدي إليها حقوقها كاملة وأن لا يجور عليها أو يهضمها حقها، فقد شدد الرسول صلى الله عليه وسلم وحرج حق المرأة، حيث قال: اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة. رواه ابن ماجه وأحمد.

ونوصي الأخت بأن تكثر من الدعاء لزوجها بالصلاح والهداية ليؤدي ما أوجبه الله عليه من حقوقها، مع العلم بأن من حق الأخت شرعاً أن تطالبه بحقوقها من مهر ومن نفقة في الفترة السابقة، ولها أيضاً طلب التفريق عن طريق المحكمة الشرعية أو من يقوم مقامها إن لم يؤد ما عليه من حقوق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني