الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حالات العجب كما قررها الغزالي

السؤال

فضيلة الشيخ بارك الله فيكم وفي علمكم وعملكم كنت قبل الالتزام مهتماً جداً بلياقتي البدنية فكنت أحرص على تمارين السويدي والضغط وعندي حديد بمقدار 10 كيلو أتمرن به أيضاً ، وأنا والحمد لله أتمتع بقوة بدنية وطويل القامة ووزني مثالي بالنسبة للطول وذلك من فضل الله علي ، وبعد الالتزام بدأت أترك التمارين لأنني كنت أجد من نفسي عجباً بقوتي ولم أكن أعرف خطر العجب وعاقبته فلما قرأت عن ذلك في كتب العلم تركت التمارين خشيةً على نفسي من هذا المرض الخبيث وبعد فترة وجدت ضعفاً يظهر علي ولم أعد أتحمل أى مجهود خاصة أني أجلس فى البيت بصفة مستمرة حيث إنى لا أعمل وغالب يومي أقضيه في القراءة ، وعندما أمارس التمارين هذه الأيام أجد نشاطاً وحيوية ، أرجو من فضيلتكم النصيحة هل أستمر في أداء هذه التمارين بغرض الحفاظ على صحتي ونشاطي أم أتركها خوفاً من العجب مع العلم أن الله أنعم علي بجسم يستجيب لأدنى قدر من التمارين فيظهر ذلك عليه

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالعجب كما قال الغزالي رحمه الله في الإحياء: هو استعظام النعمة والركون إليها مع نسيان إضافتها إلى المنعم...

والعجب لا يكون إلا بنعمة، ووصف كمالي، وله ثلاث حالات ذكرها الإمام الغزالي في الإحياء، فقال: اعلم أن العجب إنما يكون بوصف هو كمال لا محالة، وللعالم بكمال نفسه في علم وعمل ومال وغيره حالتان:

إحداهما: أن يكون خائفا على زواله ومشفقا على تكدره أو سلبه من أصله، فهذا ليس بمعجب.

والأخرى: أن لا يكون خائفا من زواله، لكن يكون فرحا به من حيث إنه نعمة من الله تعالى عليه لا من حيث إضافته إلى نفسه، وهذا أيضا ليس بمعجب.

وله حالة ثالثة هي: العجب وهي أن يكون غير خائف عليه، بل يكون فرحا به مطمئنا إليه، ويكون فرحه به من حيث إنه كمال ونعمة وخير ورفعة، لا من حيث إنه عطية من الله تعالى ونعمة منه، فيكون فرحه من حيث إنه صفته ومنسوب إليه بأنه له لا من حيث إنه منسوب إلى الله تعالى بأنه منه، فمهما غلب على قلبه أنه نعمة من الله مهما شاء سلبها عنه، زال العجب بذلك عن نفسه.

ومن هذا يتبين لك أن الذي تشعر به ليس من العجب في شيء، لأنك مدرك أن هذه النعم التي رزقتها هي من فضل الله عليك، وأنك تركت التمارين خوفا من الوقوع في العجب، وكل ذلك دال على نفي العجب عنك.

وعليه، فلا ينبغي أن تترك هذه التمارين، لأنها مفيدة لصحتك ونشاطك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني