الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محل عدم جواز الترافع ضد شركة التأمين

السؤال

إخواني في الله أحييكم بتحية الإسلام الخالدة
أسأل الله العظيم أن يبارك جهودكم التي تعتبر بحق مكسبا وأي مكسب لخدمة هذا الدين العظيم0
كم كان بودي لو تعرفت على هذا الموقع من قبل ولكن في القادم كل خير إن شاء الله .
أود أن اسأل السؤال التالي وأتمنى أن يكون مدعما بالأدلة الشرعية وأن يحظى بالوقت الكافي للإجابة عليه لأنه يشغل تفكير الكثيرين .
أنا أعمل محاميا في الأردن وتعلمون أن القوانين المعمول بها عندنا هي القوانين الوضعية لمعظم الأمور عندنا ولكن طبيعتي أنني لا أتعامل بالقضايا التي فيها حدود شرعية وإنما طبيعة عملي هي في القضايا المالية من مطالبات وعقود وغيرها والتي تعتمد في الغالب القانون المدني المستمد من الراجح عند أبي حنيفة النعمان
ومن ضمن القضايا التي أعمل بها هي المطالبة لأشخاص يتعرضون لحوادث سير ينتج عنها وفاة أو عاهة دائمة أو غيرها ويكون المدعى عليه هنا شركة التامين المؤمنة لديها المركبة التي تسببت بالحادث حيث يتم في نهاية القضية إلزام شركة التامين(منفردة أو مع المالك والسائق) بدفع المبلغ التي تحكم به المحكمة عن الضررين بشقه المادي والمعنوي وإذا كانت العاهة مقعدة فإنها تحكم أيضا بالكسب الفائت لحد سن معين .
الإشكالية التي نمر بها في هذه القضايا هي أنه يحق لنا المطالبة بالفائدة القانونية والمقدرة بواقع 9% سنويا من تاريخ وقوع الحادث وحتى السداد التام .
أنا لا أطالب بالفائدة لعلمي أنه لا يجوز المطالبة بها ولكن الشيء الذي يحدث معنا بمجرد تقديم لائحة الدعوى وتسليمها لشركة التامين تطلع عليها فإذا كنا مطالبين بالفائدة فإنها تسعى للسير بالدعوى على وتيرة متسارعة لكي لا يترتب عليها فوائد كبيرة أما ما يحدث معي ومع بعض الإخوة الذين لا يطالبون بالفائدة فإن وكيل شركة التامين ( المحامي المترافع ) يبقى يماطل بالدعوى ويقدم عليها الاستئناف والتمييز وهذه المراحل قد تأخذ سنتين أو أكثر وهم يذكرون لبعض المقربين بأنه لماذا العجلة في الدعوى طالما أن أموال الشركة في البنك وتشغلها وعندما تنتهي الدعوى فإننا ندفع لهم المبلغ الذي يحكم به من فوائد الأموال التي بقيت في البنك ، وللعلم فإنه في بعض الأحيان قد تصل قيمة الفوائد إلى مبالغ كبيرة جدا ونحن نترك المطالبة بها خوفا من الله
ولكن ما يحدث أن هذا الشركات لدى تركنا لهذه الأموال ( أي الفوائد) دون أخذها فإن رأس مال الشركة يكبر ويكبر حيث قال لنا بعض الإخوة إنكم تساهمون بتكبير وتنمية رأس مال الشركة من حيث لا تدرون
وأرشدوننا أن نقوم ولغايات سرعة الحصول على هذه المبالغ بالمطالبة بها وعند انتهاء الدعوى لا نأخذها ونتركها للشركة
لكننا نقع في مشكلة أخرى إذا أردنا القيام بهذا فإننا نخشى إذا طالبنا بها بهذه الطريقة أن تضعف نفسية صاحب الحق ويقوم بأخذها وأكلها أو إطعامها للغير .
فالسؤال يا أحبتي في الله:
أولا : هل يجوز أن نطالب بها وإذا كان جائزا فما هي الوسيلة المقترحة
ثانيا: هل صحيح أن في تركنا لهذه الأموال إثم علينا لأننا نساعد في تكبير رأس مال مؤسسة تنمي أموالها بالحرام .
ثالثا: هل صحيح أنه لا يجوز الحصول على مبتغانا وهو سرعة البت في الدعوى بطريقة التهديد هذه وأعني بها وسيلة الضغط بالمطالبة بالفائدة ومن ثم تركها.
رابعا : هل يجوز أن نطالب بها بالطريقة التي ذكرت ونأخذ إقرارا من الموكل بعدم المطالبة الحقيقية بها 0
خامسا: وهل في أخذنا إياها إذا كان جائزا وإنفاقها على مشاريع غير الأكل والشرب فيه أجر لنا.
وفي الختام أتمنى على الله أن يبارك لكم في علمكم وأن نستفيد من هذه الفتوى راجيا أن تكون الإجابة شاملة لجميع الأسئلة وإذا كان هناك أي استفسار أتمنى أن تقدموه لنا لكي أتمكن من نشر هذه الفتوى على باقي إخواني الذين يعملون بنفس المجال

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 1028 أن مهنة المحاماة إذا كانت ضمن حدود الشرع فهي جائزة، فلتراجع تلك الفتوى للأهمية كما تراجع أيضا الفتوى رقم : 18505.

وعليه؛ فعملك على - ما ذكرت - يشتمل على عدة محذورات يجدر التنبيه عليها:

أولا: قيامك بالترافع بداية ضد شركة التأمين، ومطالبتها بمبلغ التأمين غير مشروع، أولا: لأن شركة التأمين غير مسؤولة عن الحادث، وثانيا: لما في ذلك من إقرار التأمين التجاري المحرم، وراجع للتفصيل الفتوى رقم: 472.

والمشروع هو مطالبة الشخص المسؤول عن الحادث فيما هو أقل من ثلث الدية، ومطالبة عاقلته فيما بلغ ثلث الدية فأكثر، فإن لم يكن له عاقلة فمطالبة بيت المال، فإن لم يمكن أو لم يوجد بيت مال فمطالبة الشخص المسؤول. وراجع الفتوى رقم :22983

وعلى كل حال فإذا أحيل المصاب أو ورثته على شركة التأمين لقبض ما يستحقونه فلا حرج عليهم في قبضه، لأنهم غير مسؤولين عن المال الذي كسبه غيرهم إذا دفع إليهم مقابل استحقاقهم لهذا المال بصورة مشروعة، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 7899 والفتوى رقم : 6566

وننبه إلى أن محل عدم جواز الترافع ضد شركة التأمين هو إذا أمكن الحصول على حق موكلك دون الترافع ضدها، أما إذا كان لا يمكن الحصول على حقه إلا بالترافع ضدها -نظرا للقوانين الوضعية التي تحتم ذلك -فيجوز، حيث إن الضرورات تبيح فعل المحظورات، كما هو معلوم.

ثانيا: مطالبتك بالكسب الفائت نتيجة الإصابة لا يجوز، لأنه ليس للمصاب إلا الدية أو أرش العاهة، فإذا حصل عليها فلا يجوز له المطالبة بغيرها ، وراجع الفتوى رقم:14509

ثالثا: المطالبة بالتعويض عن الضرر المعنوي محل خلاف بين أهل العلم والراجح لدينا عدم جوازه، وراجع الفتوى رقم: 35535.

هذا ما يتعلق بما ذكرت من طبيعة عملك، أما مطالبتك بالفائدة القانونية فلا تجوز مطلقا ولو لأجل ما ذكرت من تسريع إجراءات التقاضي سواء تركت بعد ذلك للشركة أو تم التخلص منها في مشاريع خيرية لأن الفائدة ربا محرم وهي ظلم لمن أخذت منه، فالمطالبة بها مطالبة بما لا يجوز وإقرار له.

ويمكن الاستعاضة عن المطالبة بها -لتسريع إجراءات التقاضي وعدم المماطلة - بوسائل أخرى مثل: المطالبة بتحميل المدعى عليه أجرة المحاماة مع رفع تلك الأجرة في حال مماطلته إلى أعلى ما يمكنكم.

وباقي ما ذكرت من أسئلة يعلم جوابه مما تقدم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني