الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التقيد في الأذكار بعدد معين بدعة إلا ما حدده الشرع

السؤال

ما حكم التسبيح ببعض أسماء الله الحسنى بأرقام معينة؟وكذلك ذكر اسم الله الأعظم في أرقام معينة ؟ هل في ذالك شيء أفتونا يرحمكم الله ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فما شرعه الله تعالى من الذكر والتسبيح والاستغفار نوعان:
الأول: ما علق الفضل فيه على عدد معين، فينبغي تحصيل هذا العدد والتزامه، وذلك كالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل بعد الصلوات الخمس، وكبعض أذكار الصباح والمساء المقيدة بعدد معين.
والثاني: ما جاء مطلقاً، كالتسبيح والاستغفار ونحوه سائر اليوم، فلا يشرع فيه التزام عدد معين، لما في ذلك من مضاهاة التشريع.
وليعلم أنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ذكر الله بالألفاظ المفردة نحو: الله الله. حي حي. عليم عليم.. إلخ. كما يفعله بعض مبتدعة الصوفية، وأشد من ذلك قول بعضهم في ذكر الله: هو هو، أو: لا لا، أو: آه آه، أو: هاها، أو:هـ هـ، أو: أ أ، أو: آه آه.
فهذا يعلم قطعاً أنه ليس من دين الإسلام، وأنه تحريف لأسماء الله تعالى. والمقطوع به أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك مجالاً من مجالات الذكر، ولا موقعاً من المواقع التي يؤمر فيها بذكر معين، إلا وَبيَّن صيغة الذكر المطلوب في ذلك الظرف، وقد عني الأئمة بجمع ذلك وتدوينه كما فعل النووي في الأذكار، وابن تيمية في الكلم الطيب وغيرهما.
وبهذا يعلم خطأ من يعين أذكاراً تقال بعد العصر، وأخرى بعد الفجر مثلاً، مما لم يعينه رسول الله صلى الله عليه وسلم كقول بعضهم: يقال بعد الفجر (الله) ألف مرة أو غير ذلك من العدد، وبعد العصر: حي أو قيوم كذا من المرات، فهذا فيه محاذير: الأول: كونه باللفظ المفرد. والثاني: التزامه في وقت معين. والثالث: التقييد بهذه الأعداد المحدثة.
وعن الذكر بالاسم المفرد يقول شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى 10/556 (فأما الاسم المفرد مظهراً مثل: الله الله. أو مضمراً مثل: هو هو، فهذا ليس بمشروع في كتاب ولا سنة، ولا هو مأثور أيضاً عن أحد من سلف الأمة، ولا عن أعيان الأمة المقتدى بهم، وإنما نهج به قوم من ضُلاَّل المتأخرين) انتهى.
ولأهل البدع شبهات يتعلقون بها في هذا الباب لا تثبت مدعاهم، كما بين ذلك أهل العلم.
وأما اسم الله الأعظم فقد اختلف العلماء فيه، فمنهم من قال إنه: الله. ومنهم من قال: إنه الرب لكون أدعية الأنبياء في القرآن مفتتحة به، ومنهم من قال إنه: الحي القيوم.
ومما جاء في السنة الصحيحة في هذا الباب:
1- ما رواه الترمذي وأبو داود عن بريدة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله، لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد. فقال: " والذي نفسي بيده، لقد سأل الله باسمه الأعظم، الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى". وإسناده صحيح.
2- وما رواه الترمذي وأبو داود والنسائي عن أنس قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد ورجل قد صلى، وهو يدعو، ويقول في دعائه: اللهم إني أسألك لا إله إلا أنت، المنان، بديع السموات والأرض، ذو الجلال والإكرام [ياحي يا قيوم]. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتدرون بم دعا؟ دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى".
3- وما رواه الترمذي وأبو داود عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين (وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم) [البقرة: 163]، وفاتحة سورة آل عمران (الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم) [آل عمران: 1،2]. وهو حديث حسن، حسنه الترمذي وغيره. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني