الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرحم في الإسلام شأنها عظيم

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
توفي عمي رحمه الله (شقيق أبي من أبيه وأمه)، وقد ترك عمي المتوفى أربع بنات وولدا وقبيل أن يتوفى عمي كانت هناك بعض المشاكل بينه وبين والدي لأسباب الإرث وكانت ابنتا عمي البالغتان مع أخي الأكبر لهم نصيب من أسباب المشاكل التي بين أبي وعمي، المهم توفي عمي تاركا بناته وولده الذين هم أرحام أبي، أخذ أبي يزورهم من وقت لآخر بعد وفاة عمي، ولكن كان كل مرة يتعرض للجرح والإهانة منهن لدرجة أن إحداهن تمادت علية بالسب هداها الله وكانت تقوم بإخبار أخيها الصغير بان والدي قتل أباها، مع العلم بأن عمي توفي أثر مرض ألم به، سؤالي هو: بعد تعرض والدي لكثير من الإهانات رفض أن يزورهن وهو على هذا الحال منذ ما يقارب الست سنوات، وكلما حاولت أن أقنعه بأنهن أرحامه فليهرع لزيارتهن يرفض بتاتا، فأرجو أن تفتوني في موقف أبي وما اللازم فعله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الرحم في الإسلام عظيم شأنها، جليل خطرها، فالله جل في علاه يصل واصلها ويقطع قاطعها، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذلك لك. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إقرؤا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ.

فيجب على والدك أن يصل أبناء وبنات أخيه، فإن لهم رحما واجبة الوصل، وقطعها محرم ولا يكون واصلا إلا إذا وصلها في حال قطعها، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. أخرجه البخاري.

فعليه أن يصلهم وليصبر على ما يلقاه منهم من السب والإهانة، ويحتسب الأجر منه سبحانه، وليتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل يشكو إليه سوء معاملة أقاربه له قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل (الرماد الحار) ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم وأحمد وأبو داود. وهذا ما لم يترتب على زيارته لهم إن زارهم ضرر عليه، وإلا سقطت عنه صلة رحمهم بالزيارة أو بما يترتب عليه ضرر.

وعلى والدك أن يعطي ابن وبنات أخيه نصيب والدهم من التركة إن كان لهم نصيب منها عنده، ولا يظلم منه شيئاً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حرج حق الضعيفين (المرأة واليتيم) وينبغي له أن يستلين قلوبهم بالإحسان إليهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني