الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضوابط جواز شرب النبيذ

السؤال

ظهر أحد المبشرين على قناة الحياة, وقال إنه في صحيح مسلم أحاديث تقول إن النبي كان يشرب نبيذا لماذا لا نجد من المسلمين الأكثر دراية بالقرآن والحديث من يرد عليه . ويعلم الله كم يؤلمنا كلام هذا المتقول ونود الرد ولكن ليس باليد حيلة كما يقال.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان قصد أولئك المنصرين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشرب النبيذ المسكر فإن ذلك كذب وافتراء عليه، وهذا ليس بمستغرب من هؤلاء الحاقدين على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى دين الإسلام. قال تعالى: إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ {النحل: 105}

وليُعلم أن النبيذ يقصد به طرح التمر أو الزبيب أو غيرهما في الماء حتى يصير الماء حلوا، ولكن إن ترك فترة طويلة تغير وصار مسكرا. قال في لسان العرب: والنبيذ الطرح وهو ما لم يسكر حلال، فإذا أسكر حرم، وقد تكرر في الحديث ذكر النبيذ وهو ما يُعمل من الأشربة من التمر والزبيب والعسل والحنطة والشعير وغير ذلك. يقال: نبذت التمر والعنب إذا تركت عليه الماء ليصير نبيذا، فصرف من مفعول إلى فعيل، وانتبذته اتخذته نبيذا، وسواء كان مسكرا أو غير مسكر فإنه يقال له نبيذ. اهـ.

والذي في صحيح الإمام مسلم باب إباحة النبيذ الذي لم يشتد ولم يصر مسكرا، وتحته أحاديث منها عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتبذ له أول الليل فيشربه إذا أصبح يومه ذلك والليلة التي تجيء والغد والليلة الأخرى والغد إلى العصر، فإن بقي شيء سقاه الخادم أو أمر به فصب.

قال الإمام النووي: في هذه الأحاديث دلالة على جواز الانتباذ وجواز شرب النبيذ ما دام حلوا لم يتغير ولم يغل، وهذا جائز بإجماع الأمة. وأما سقيه الخادم بعد الثلاث وصبه فلأنه لا يُؤمَن بعد الثلاث تغيره، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتنزه عنه بعد الثلاث. وقوله سقاه الخادم أو صبه: معناه تارة يسقيه الخادم وتارة يصبه، وذلك الاختلاف لاختلاف حال النبيذ، فإن كان لم يظهر فيه تغير ونحوه من مبادئ الإسكار سقاه الخادم ولا يريقه لأنه مال تحرم إضاعته ويترك شربه تنزها ، وإن كان قد ظهر فيه شيء من مبادئ الإسكار والتغير أراقه لأنه إذا أسكر صار حراما ونجسا فيراق ولا يسقيه الخادم لأن المسكر لا يجوز سقيه الخادم كما لا يجوز شربه. وأما شربه صلى الله عليه وسلم قبل الثلاث فكان حيث لا تغير ولا مبادئ تغير ولا شك أصلا. والله أعلم. اهـ.

هذا وليُعلم أن هؤلاء المنصرين في هذه القناة وغيرها يستغلون جهل المشاهدين لهم فيبثون ما يشككهم في دينهم وفي عصمة نبيهم ليقينهم أن أغلب المشاهدين لن ينشطوا لتتبعهم، وانظر الفتوى رقم: 56322.
وإن الواجب على المسلم أن يصون دينه عن الشبهات فلا يستمع إليها لأن الشبهة قد تستقر في قلبه ولا يتسطيع دفعها لضعف إيمانه أو قلة علمه أو للأمرين جميعا، وقد نص العلماء على حرمة النظر في كتب أهل الكتاب لما فيها من التحريف، فكيف بالاستماع إلى شبهات هؤلاء فإنه أشد تحريما؟!! وانظر الفتوى رقم: 14742، والفتوى رقم: 1886.

كما نبشرك أيها الأخ الكريم أن هناك جهودا في كشف شبهات المنصرين، وهناك بعض المواقع الإلكترونية التي تخصصت في ذلك أو خصصت أبوابا للرد عليهم ومن ذلك موقع الأزهر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني