الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل حول الراتب التقاعدي وإخراج زكاته

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
أرٍجو من فضيلتكم التكرم بالإجابة على أسئلتي التالية ولكم جزيل الشكر
- هل يجوز أخذ راتب تقاعدي من مؤسسة الضمان الاجتماعي الحكومية ؟
علما أن الاقتطاع الشهري إجباري، يدفع الموظف نسبة من راتبه وتدفع الشركة التي يعمل فيها ضعفي نسبته .
- استثمارات مؤسسة الضمان الاجتماعي ليست بالضرورة شرعية .
- يمكن الخروج للتقاعد مبكرا بشروط / عمر 45 عاما وخدمة لاتقل عن 18 عاما أو عند الشيخوخة ثم
يحتسب الراتب التقاعدي حسسب معادلة تعتمد على سنوات الخدمة ومعدل راتب آخر ثلاث سنوات
- أستطيع - وحسب نظام الضمان الاجتماعي – أن آخذ عند الخروج من الضمان إلى التقاعد مبلغا من
المال ولمرة واحدة يعدل ما نسبته 75 % من مجموع ما دفعته أنا وشركتي طيلة سنوات الخدمة ؟
فهل يجب علي دفع زكاة عن هذا المال المدفوع للضمان طيلة سنوات الخدمة ومتى ؟ أم لا يجب ؟
وجزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق أن بينا حكم الضمان الاجتماعي وضوابطه الشرعية في عدة فتاوى ، انظر منها الفتاوى ذات الأرقام التالية :9531 ،9532 ،10664 ،29228 .

وذكرنا هناك أنه إذا انضبط بالضوابط الشرعية فلا حرج في الاشتراك فيه وتقاضي راتب منه .

أما إذا لم ينضبط بهذه الضوابط فلا يجوز الاشتراك فيه ، وإن أجبر عليه الإنسان فلا يجوز له الانتفاع منه راتباً كان أو مكافأة أو غير ذلك إلا بقدر ما فيه من الحلال وما بقي فعليه أن يتخلص منه .

وإذا تقرر هذا ، فهذا الضمان كما هو واضح من السؤال غير منضبط بالضوابط الشرعية إذ أنه إجباري واستثماراته غير شرعية ، وليس الغرض منه التكافل إذ التكافل لا يتحقق مع الإجبار ، وإنما الغرض منه المعاوضة ، وما يأخذه الإنسان قد يكون أكثر أو أقل مما يستحق ، وعليه فلا يجوز الانتفاع من راتب التقاعد عند الشيخوخة أو راتب التقاعد المبكر إلا بقدر ما فيه من الحلال ، الحلال في هذا الضمان يتكون مما اقتطع شهرياً من راتب الموظف وما تهبه له شركته التي يعمل فيها إضافة إلى أرباح استثمار هذه الأموال في الأمور المباحة شرعاً وما عدا ذلك فهو حرام .

وأما ما ذكرت من إمكانية الحصول في حالة خروجك للتقاعد على مبلغ واحد مرة واحدة بدلاً من الراتب يساوي 75 % من مجموع ما دفعته أنت وشركتك طيلة سنوات الخدمة ، فلا ريب أن هذا ظلم ، إذ أن لك الحق فيه كاملاً ولكن إذا شئت أن تتحمل هذا الظلم لتحصل على شيء من حقك فلا بأس .

وأما حكم زكاة المال المتجمع طيلة سنوات الخدمة ، فما لم يحل عليه الحول من هذا المال فلا تجب فيه زكاة ، أما ما حال عليه الحول منه فالقول في وجوب الزكاة فيه كالقول في زكاة المال المغصوب والمسروق والغائب ، وقد لخص ابن قدامة مذاهب أهل العلم في ذلك فقال : " والحكم في المغصوب والمسروق والمحجوب والضال واحد في جميعه روايتان : إحداهما لا زكاة فيه ، نقلها الأثرم والميموني ،ومتى عاد صار كالمستفاد يستقبل به حولا ، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي في قديم قوليه لأنه مال خرج عن يده وتصرفه وصار ممنوعاً منه ، فلم يلزمه زكاته كمال المكاتب .

والثانية : عليه زكاته لأن ملكه عليه تام فتلزمه زكاته كما لو نسي عند من أودعه أو كما لو أسر أو حبس وحيل بينه وبين ماله ، وعلى كلتا الروايتين لا يلزمه إخراج زكاته قبل قبضه .

وقال مالك : إذا قبضه زكاه لحول واحد ، لأنه كان في ابتداء الحول في يده ثم حصل بعد ذلك في يده فوجب أن لا تسقط الزكاة عن حول واحد وليس بصحيح لأن المانع من وجوب الزكاة إذا وجد في بعض الحول يمنع كنقص النصاب " انتهى، وراجع الفتوى رقم :29749 .

والله أعلم .


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني