الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعليق الطلاق على تكليم شخص معين

السؤال

رجل جاءه أحد من أقاربه لينقل له بأنه سمع كلام غير لائق عن أخته فتوجه الرجل إلى أخته لينصحها بما سمع وصارت بينهما مجادلات ونقاش حاد لدرجة الغضب واتضح بأن سبب هذه المشكلة وهذه الأقاويل هي أخت زوجها وحلف الرجل وهو في حالة الغضب وكانت حلفته بأن قال (بطلاق الثلاث إذا كلمت هذه المرأة مرة ثانية) وبعد مرور الأيام أرسلت هذه المرأة رسالة عن طريق الهاتف الجوال ورد عليها برسالة أن لا تكلمه بعد هذا اليوم، ما حكم الحلف في هذه الحالة، وما الحل إذا أراد أن يكلمها، وهل هذا الحلف صحيح، أفتوني؟ جزاكم الله ألف خير، ولكم الأجر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن علق الطلاق على أمر كتكليم شخص معين كما في السؤال، فإن الطلاق يقع بتكليم ذك الشخص، وذهب بعض العلماء إلى أنه يمين إذا قصد به المنع أو الحث، فعلى قول الجمهور فتطلق الزوجة ثلاثاً إذا كلم هذه المرأة سواء نوى الطلاق أو نوى المنع، وعلى القول الآخر فيلزمه كفارة يمين إذا لم يقصد الطلاق بل قصد منع نفسه من تكليمها، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 8828.

وكتابة الرسالة لتلك المرأة تعتبر كلاماً يترتب عليه ما يترتب على مشافهتها بالكلام، إلا أن ينوي بحلفه المشافهة أي تكون نيته بعدم تكليمها مشافهة فقط، فلا يحنث حينئذ، قال ابن قدامة في المغني: فصل: فإن كتب إليه، أو أرسل إليه رسولا، حنث، إلا أن يكون قصد أن لا يشافهه، نص عليه أحمد وذكره الخرقي (في) موضع آخر، وذلك لقول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا. ولأن القصد بالترك لكلامه هجرانه، ولا يحصل مع مواصلته بالرسل والكتب، ويحتمل أن لا يحنث إلا أن ينوي ترك ذلك، لأن هذا ليس بتكليم حقيقة، ولو حلف ليكلمنه، لم يبر بذلك إلا أن ينويه، فكذلك لا يحنث به. انتهى.

وعلى هذا فإن لم تنو المشافهة بالكلام وقع الطلاق المعلق على قول الجمهور ويقع ثلاثاً عندهم أيضاً بالكناية المذكورة، وعلى القول الآخر وهو أن تعليق الطلاق لا يكون طلاقاً إلا إذا قصد به الطلاق ولا تلزم إلا كفارة يمين بالله تعالى إذا لم يقصد الطلاق.

أما إذا كنت نويت أن لا تكلمها مشافهة فلا تحنث بالرسالة المذكورة على القول الثاني واليمين مازالت منعقدة ولا تحنث إلا إذا كلمتها مشافهة، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 58585.

وأخيراً ننصح في مثل هذه القضايا بالرجوع إلى المحكمة الشرعية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني