الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشك في اصطلاح الفقهاء

السؤال

أصحاب الفضيلة العلماء: يظهر أنه كان هناك خطأ في البريد الالكتروني الخاص بي
وفيما يلي نص السؤالين
أخرجوني من حيرتي
تزوجت من ثلاثة أشهر وتركت زوجتي وسافرت إلى مكان عملي. وبدأت مشكلتي عندما بدأت أتكلم بألفاظ الطلاق داخل نفسي. طلبت من أهلي أن يرسلوا زوجتي حيث أعمل فماطل أهلي.
بدأت أجري حديثا نفسيا كالتالي:
1- كأني أقول لأهلي ( لا تعطوا زوجتي من الميراث لأنها ليست زوجتي).
2- كأني أجري حوارا مع أمي وهي تقول لي سنرسل لك زوجتك وأنا أرد قائلا:
( إنها طلقت).
3- أجريت حوارا مع نفسي غير متذكر له كررت عقبه لفظ (إنها طلقت).
ملحوظة عقب كل لفظ كنت أتشكك هل تكلمت بالألفاظ السابقة بلساني أم كان حوارا داخل نفسي احترت هل طلقت أم لا؟ فأصابني الهم ماذا أقول لزوجتي؟ فأجبت نفسي قائلا:) أقول لها اجلسي عند أهلك وإذا تقدم إليك أحد تزوجيه)
فرجعت أقول ربما يكون كلامي هذا الأخير طلاقا فاحترت أكثر. فما حكم هذا القول أيضا؟
فسألت أحد المفتين عن الألفاظ الثلاث الأول دون أن أبين له ما وقع لي من شك فأفتاني بوقوع ثلاث طلقات فذهبت دائرة الإفتاء وأخبرتهم فقال بعضهم لا يقع الطلاق
رجعت إلى المنزل وبعد فترة بدأت أقول ربما أكون تلفظت فيكون كلام المفتي الأول هو الصحيح (إذا تكون زوجتي طلقت ثلاثا) فخفت أن يكون القول الأخير طلاقا فقلت أرجع وأسأل عن هذا القول الأخير وبدأت أقول هل تكلمت به أم لا؟ وبدأت أتكلم بهذا اللفظ مرة داخل نفسي ومرة بلساني لأحكم كيف كان اللفظ وأكرر فخفت أن يكون هذا التكرار باللسان هو الذي يقع به الطلاق.
وفي أحد الأيام نمت ثم استيقظت فإذا ألفاظ الطلاق تجري على لساني دون قصد مني فما الحكم؟
فقلت لو سألت أحدا من المفتين لقال لي إن زوجتك بانت منك عشر بينونات وأسأل أيضا عن حكم هذا لقول الأخير؟
وما الحكم إذا قال الإنسان راجعت زوجتي مع الشك في الطلاق؟
السؤال الثاني: أصبحت أستيقظ وأنام وليس لي هم سوى الطلاق وألفاظه وبعد نومي لم أستطع أن أجزم هل صدرت مني ألفاظ الطلاق وأنا بين اليقظة والنوم أم جرى على خاطري.
وأريد أن أعرف هل الشك هو مطلق عدم الجزم الذي لا يصل فيه الشخص إلى حد اليقين؟
وهل يشترط للفظ الطلاق أن يكون بصوت مسموع بحيث لو كان بجواري شخص معتدل السمع أن يسمعه أفيدوني بالتفصيل والدليل. وجزاكم الله كل خير

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن مجرد حديث النفس دون التلفظ باللسان لا يؤاخذ به شرعا. فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. قال البخاري عقب روايته للحديث: قال قتادة: إذا طلق في نفسه، فليس بشيء.

كما أن الشك في التلفظ بالطلاق أو عدمه لا يقع به الطلاق، وذلك أن النكاح ثابت بيقين فلا يزول بالشك. قال ابن قدامة في المغني: من شك في طلاق لم يلزمه حكمه. نص عليه أحمد، وهو مذهب الشافعي وأصحاب الرأي؛ لأن النكاح ثابت بيقين فلا يزول بشك. انتهى

كما أن من بلغ به الوسواس حدا يغلبه ، ويكون بمثابة المكره ، فإنه لا يقع طلاقه . وانظر الفتوى رقم: 52232،

وبناء على ما تقدم نقول: أما ما حدثت به نفسك فلا عبرة به ولا يقع به الطلاق؛ لما سبق في الحديث .

وأما ما شككت في تلفظك به أو عدمه، فهو من قبيل الشك الذي لا يؤثر على النكاح الثابت بيقين؛ كما تقدم

ولو قلت لزوجتك: اجلسي عند أهلك وإذا تقدم إليك أحد تزوجيه. فهذا كناية لا يقع بها الطلاق إلا بالنية، وتقدم حكمه في الفتوى رقم: 30621.

وأما سؤالك عن قول الرجل لزوجته راجعتك مع الشك في الطلاق، فلا شيء فيه بل هو من اللغو.

وأما سؤالك عن ماهية الشك وهل هو مطلق عدم الجزم الذي لا يصل فيه الشخص إلى حد اليقين؟ فجوابه أن الشك في اصطلاح الفقهاء: استعمل في حالتي الاستواء والرجحان على النحو الذي استعملت فيه هذه الكلمة لغة فقالوا : من شك في الصلاة , ومن شك في الطلاق , أي من لم يستيقن, بقطع النظر عن استواء الجانبين أو رجحان أحدهما. ومع هذا فقد فرقوا بين الحالتين في جزئيات كثيرة. قاله في الموسوعة الفقهية

وذكر القرافي أن الشك بهذا الاعتبار ينقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: مجمع على اعتباره كالشك في المذكاة والميتة, فالحكم تحريمهما معا. القسم الثاني: مجمع على إلغائه, كمن شك هل طلق أم لا؟ فلا شيء عليه, وشكه يعتبر لغوا. القسم الثالث: اختلف العلماء في جعله سببا , كمن شك هل أحدث أم لا؟ فقد اعتبره مالك دون الشافعي. ومن شك هل طلق ثلاثا أم اثنتين؟ ألزمه مالك الطلقة المشكوك فيها خلافا للشافعي. انتهى من الموسوعة الفقهية الكويتية.

وأما سؤالك هل يشترط للفظ الطلاق أن يكون بصوت مسموع يسمعه من بجوارك فالجواب: لا يشترط ذلك فحيث كان لفظا وأسمعته نفسك، فلا يكون حديث نفس، ويقع به الطلاق، حينئذ؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 22554.

ثم عليك أخي أن تقلع عن الخوض في هذه الوساوس، وتشغل نفسك بالذكر وتلاوة القرآن ومجالسة الصالحين، وقد سبق لنا فتاوى عن علاج الوسوسة القهرية، فتراجع، ومنها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10355، 3086، 15409.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني