الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمثال هذه المخالفة لا تبيح طلب الطلاق بحال

السؤال

أود الاستفسار عن طلبي الطلاق من زوجي حيث إني متزوجة منه منذ خمس سنوات وأسفر عن هذا الزواج ثلاث بنات والمشكلة تتلخص فى أن زوجي لا يغض بصره ولم أكتشف هذه الصفة فيه إلا بعد الزواج، حيث إنه فى فترة الخطوبة كان يتصنع غض البصر وأنا بعد الزواج مباشرة اكتشفت فيه هذه الصفة وصدمت ولم أستطع مواجهته، لكن ذلك أثر فيّ كثيراً حيث أحسست أني كنت مغشوشة وكان يوهمني أنه عفيف حيث إني متدينة ولا أوافق على التساهل فى هذه الأمور وبدأت ألمح له عاقبة النظر الحرام وذلك بطريقة غير مباشرة بحيث لا أجرح شعوره وأوضح أنى على علم وساكتة، لكن تلميحاتي ذهبت عبثا إلى أن جاء اليوم الذي استجمعت فيه شجاعتي وواجهته فأنكر فى بادئ الأمر وصدم بمعرفتي بنظراته الخائنة وواجهته بها أنا منقصة منه شيئا مع العلم بأنه والحمد لله حياتنا لا ينقصها شيء، فهو دائم البوح أمامى وأمام أهلى وأهله بأنه مرتاح وسعيد ودائماً أسأله إذا كنت مقصرة وإذا كان راضياً عني فيجيب كل الرضا وعند المواجهة أجابني أنه سعيد ولا ينقصه شيء، لكنها عادة سيئة تعود عليها وأجاب وهو يبكي أنه مريض وسوف لن يعود إليها وأعطيته فرصة وأخذت أدعو له دوما بالهداية، لكن تلك الوعود تكررت مرة واثنتين وثلاثة دون جدوى، حيث كان ينصلح فترة ثم يعود هذا أمامى والله أعلم ماذا يحدث من ورائي، وعندما أواجهه يثور ويقول إنك تهينينى بهذه الاتهامات وأنا ليس لي قصد والأعمال بالنيات لقد تعبت وأصبحت لا أثق فيه وأحس بعدم احترامي له وأنا إنسانة متدينة أخاف الله ولا أريد أن أعصي الله فى زوجي والآن عندي ثلاث بنات ولا أريد أن تكبر بناتي ويرين أباهم إنسانا مهزوزا أنا لا أشكر نفسي، لكني زوجة بكل ما تعنيه الكلمه فأنا صبورة حكيمة ومتعلمة وربة منزل ممتازة ويتوفر في الجمال والنظافة والأناقة وكل ما يتمناه الإنسان فى البيت المسلم وهذا من فضل ربي، وللعلم فإني أحنو عليه وأعامله كما تعامل الأم طفلها وأغفر له كثيراً، فأنا لا أعرف القسوة وهو كذلك حنون وطيب القلب وعطوف لكني لا أستطيع العيش وكرامتي مهانة بهذا الشكل وأنا غير مقصرة، ولعلها تعيده إلى رشده ولا يطمع دائما في المسامحة، فهل حرام إن طلبت منه الطلاق لأن هذا الموضوع يؤثر في بشدة وأنا لا أحب النفاق، وأعتبر هذا العمل خيانة ويجر لأشياء كثيرة، أرجو أن تفيدوني فأنا فى حيرة ولا أحب أن أحكي لأحد فى العائلة أو صديقاتي، لكي لا أهز صورته، فهو أبو بناتي وأتمنى أن تردوا علي سريعا، فقد تأزمت الأمور بيننا كثيراً وأنا بحاجة لمن يرشدني الصواب؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا ريب أن نظر الرجل إلى النساء الأجنبيات أمر محرم، ومخالف لما أرشد الله تعالى إليه من غض البصر، والذي هو من شأن أهل الإيمان، قال الله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30}، والاسترسال في النظر إلى النساء دليل على ضعف إيمان صاحبه.

فإذا كان زوجك على ما ذكرت من نظره إلى النساء الأجنبيات، فهو بذلك قد أساء، ولكن مع ذلك نوصيك بالصبر عليه والاستمرار في نصحه وتذكيره بالله تعالى وبسوء عاقبة هذا الفعل، وأنه قد يجر إلى ما هو أعظم منه، و ينبغي أن تذكريه بأن يتقي الله تعالى إذا أراد أن يحفظه لله في زوجته وبناته، كما قال الله تعالى: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا {النساء:9}.

وأما أن تطلبي منه الطلاق لمجرد حصول هذا الفعل منه فلا يجوز، ما دام الأمر لم يصل به إلى حد الوقوع في الفاحشة، روى أبو داود وغيره عن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً في غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة. ولا يجوز لك التقصير في حقوقه عليك لكونه يرتكب هذه المعصية.

ونوصيك بأن تغلقي أبواب الشيطان إلى نفسك، فلعله يريد (أي الشيطان) أن يشتت أسرتك ويفرق بينك وبين زوجك باستغلاله هذه المخالفة التي تحدث من زوجك، ولا شك أن في تشتت الأسرة وحصول الطلاق ضياعاً للعيال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني