الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأخذ من الزكاة ممن لا يستطيع سداد استحقاقاته

السؤال

سؤالي يتعلق بالزكاة، ولكن الأمر يحتاج إلى بعض التوضيحات فهاكموها :أنا موظف في شركة منذ 29 سنة أجرت لي الشركة التي أعمل فيها في سنة 1987 شقة عند أحد الخواص و تقتص من راتبي الشهري مبلغ معين مقابل ذلك. وفي العام 1996ولأسباب مالية، ألغت الشركة العقد الذي كان يربطها بصاحب الشقة، ولسوء الحظ توفي هذا الأخير بعد ذلك بفترة وجيزة. أمام هذا الأمر حاولتُ الاتصال بعائلة المرحوم عساني أجد حلا لهذه المشكلة، لأنه لم يكن في وسعي ذلك الوقت أن أدفع ما كانت تدفعه الشركة مقابل الإيجار، و لكن قلت في نفسي لعلي أجد حلا وسطا أوقلبا رحيما يتفهم وضعيتي. وبعد مدة غير قصيرة تبين أن المرحوم كان له زوجتان، الأولى مطلقة وله معها ثلاث أبناء، أما الثانية فلها ولدان. و مما زاد هذا الأمر تعقيدا أن كل من الأرملتين أرادتا التمتع لوحدها دون الأخرى بهذا المسكن. فاستمر هذا الأمر مدة طويلة. وأمام هذه الوضعية و باعتبار أن راتبي الشهري لم يمكنني من إيجار شقة أخرى مكثت فيها إلى أن يتوصل الطرفان إلى إيجاد حل مناسب. خلال هذه الفترة وأمام مشكل السكن الذي زاد تفاقما، بادرت السلطات إلى وضع مشروع لبناء مساكن لذوي الدخل المحدود. سمي هذا البرنامج بـ [السكن مقابل الإيجار] بموجبه يدفع المعني 15% من المبلغ و الباقي خلال 25 سنة بدون ربا.و سجلت نفسي في هذا البرنامج ودفعت الأعباء المسبقة وأنا في انتظار نهاية الأشغال التي من المقرر أن تنتهي في الصيف المقبل، وحتى يحين وقت تسليم هذا المسكن الجديد توددت لأصحاب الشقة أن يمهلونني حتى هذا الحين و لكن بدون جدوى، وأصروا إلا أن أسلم لهم المفاتيح ، ورفعوا ضدي دعوى قضائية، و كان الحكم بطبيعة الحال لصالحهم ، فأمهلت حتى 15 من الشهر المقبل لمغادرة المسكن. فبحثت على شقة أخرى حتى و جدت ما يناسب عائلتي التي تتكون من خمسة أفراد، الوالدين و ثلاثة أبناء، بنتين من 14 و 9 سنوات وابن في 10 من عمره. و أمام غلاء الإيجار أعطاني أحد جيراني مبلغا من المال قال لي إنه من زكاة المال لأحد أصحابه.فهل أقبل منه هذا المال أم أرده، علما بأن معي بعض المال ليس بالزهيد و لا بالكثير الذي يسمح لي بشراء مسكن. و بصفة أدق هل في هذه الوضعية تجوز في حقي الزكاة ؟
بارك الله في مسعاكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه كان على الاخ السائل عندما ألغت الشركة التي يعمل فيها إيجار الشقة المذكورة ولم يمكنه هو دفعه ولم يأذن له مالكها في الاستمرار فيها أن ينتقل عنها، لأن الاستمرار فيها بعد ذلك يعتبر تعديا على مال الغير، وعليه الآن أن يدفع إيجار الشقة عن المدة التي قضاها فيها بعد أن أنهت الشركة إيجارها إذ لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه كما في الحديث الصحيح . قال العدوي في حاشيته على كفاية الطالب الرباني : إذا غصب الدار فسكنها فيرجع عليه بأجرة ذلك ، وأما إذا غصب الدار فأغلقها أوالأرض فبورها فلا أجرة عليه بخلاف المعتدي وهو الذي يريد أخذ المنفعة دون تملك الذات فإنه يضمن قيمة المنفعة ولو عطل . انتهى

ثم إن استحقاق الزكاة منوط بالحاجة وعدم وجود الكفاية ، وكنا قد ذكرنا في الفتوى رقم : 27284 ، أنه يجوز أخذ الزكاة لأجل الحاجة لشراء المسكن ، قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير على مختصر خليل في الفقه المالكي : وجاز دفعها لمالك نصاب أو أكثر ولو كان له الخادم والدار التي تناسبه حيث كان لا يكفيه ما عنده لعامه لكثرة عياله فيعطى منها ما يكمل به العام وهذا هو المشهور خلافاً لما رواه المغيرة عن مالك أنها لا تعطى لمالك النصاب . انتهى

وعليه فإذا كنت تحتاج إلى مال لسداد ما ترتب عليك من إيجار الشقة أو إلى شراء مسكن وكان ما معك من مال لا يكفيك فإنه يجوز أن تأخذ من الزكاة ، ونسأل الله أن يقضي حاجتك ويغنيك من فضله . وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم : 4938 .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني