الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال العلماء في حكم الاقتداء بمن يلحن في الفاتحة

السؤال

سؤالي حول الفاتحة. هنا في أوروبا في أحد المساجد حيث قام الأزهر ببعث واعظ إلى هذا المسجد ولكن هذا الواعظ يخطئ في الفاتحة .حيث يقول {الرحمنُ الرحيم} بضم النون وكذلك يقول {الزين أنعمت عليهم} وصلينا نحن خلفه بهذه القراءة ونصحه بعض الإخوة ولكن بعض المرات قبل أن ينصح كان يقرأ في الركعة الأولى بـ(الزين)وفي الثانية يصححها بـ(الذين) والظاهر أنه يسهو والآن صحح (الذين) ولكن بقي خطؤه في قوله(الرحمانُ) مع أني نصحته فما حكم صلاتنا خلفه في هذه الحالة وهل أغير المسجد ؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبالنسبة للصلاة خلف من يبدل الذال زايا في سورة الفاتحة فقد تقدمت الإجابة عن ذلك في الفتوى رقم : 23898 ، والفتوى رقم : 56522 ، فالرجاء مراجعتهما ومن خلالها سيعلم أنه لا يصح اقتداء من يحسن قراءة الفاتحة بمن يخل في قراءتها خللا مثل إبدال الذال بحرف الزاي ونحو ذلك ؟

وعليه.. فإن على الإخوة الذين اقتدوا بمن يبدل حرفا بحرف في سورة الفاتحة أن يعيدوا صلاتهم. قال النووي في المجموع : فقال أصحابنا : الأمي ما لا يحسن الفاتحة بكمالها سواء كان لا يحفظها ، أو يحفظها كلها إلا حرفا ، أو يخفف مشددا لرخاوة في لسانه أو غير ذلك ، وسواء كان ذلك لخرس أو غيره، فهذا الأمي والأرت والألثغ إن كان تمكن من التعلم فصلاته في نفسه باطلة فلا يجوز الاقتداء به بلا خلاف ، وإن لم يتمكن بأن كان لسانه لا يطاوعه أو كان الوقت ضيقا ، ولم يتمكن قبل ذلك فصلاته في نفسه صحيحة ، فإن اقتدى به من هو مثل حاله صح اقتداؤه بالاتفاق ، لأنه مثله فصلاته صحيحة . انتهى

وذهب بعض متأخري علماء الأحناف إلى صحة الصلاة خلف من يبدل الذال زايا ونحو ذلك لأنه مما تعم به البلوى كما سبق توضيحه في الفتوى رقم : 60642 ، وأما ضم النون من (الرحمن ) فلا يجوز تعمده لكن لا تبطل الصلاة به لأنه من اللحن الذي لا يغير المعنى، ويكره الاقتداء بمن يلحن هذا اللحن. قال النووي أيضاً : إذا لحن في القراءة كرهت إمامته مطلقاً ، فإن كان لحناً لا يغير المعنى كرفع الهاء من (الحمد لله ) كانت كراهة تنزيه ، وصحت صلاته وصلاة من اقتدى به ، وإن كان لحناً يغير المعنى كضم التاء من ( أنعمت ) أو كسرها ، أو يبطله بأن يقول ( الصراط المستقين ) فإن كان لسانه يطاوعه وأمكنه التعلم فهو مرتكب للحرام ويلزمه المبادرة بالتعلم ، فإن قصر وضاق الوقت لزمه أن يصلي ويقضي : ولا يصح الاقتداء به . انتهى

والظاهر أنه لا فرق بين ضم النون من الرحمن وضم الهاء من اسم الجلالة، بل إن كان الإمام المذكور يضم النون من (الرحمن ) باعتبار أنها قراءة فليعلم أنها شاذة، والشاذ لا تجوز القراءة به لا في الصلاة ولا في غيرها. قال النووي رحمه الله تعالى : ونقل الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر إجماع المسلمين على أنه لا تجوز القراءة بالشاذ وأنه لا يصلى خلف من يقرأ بها ، قال العلماء : فمن قرأ بالشاذ إن كان جاهلاً به أو بتحريمه عُرِّف ذلك ، فإن عاد إليه بعد ذلك أو كان عالماً به عزر تعزيراً بليغاً إلى أن ينتهي عن ذلك، ويجب على كل مكلف قادر على الإنكار أن ينكر عليه ، فإن قرأ الفاتحة في الصلاة بالشاذة ــ فإن لم يكن فيها تغير معنى ولا زيادة حرف ولا نقصه صحت صلاته وإلا فلا . انتهى .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني