الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا أعيش في دولة فنلندة شمال أوروبا, الجالية الإسلامية لا بأس بها، ولكن المرشدين قلة قليلة, العمل هنا غير ضروري فالنظام الاجتماعي يعيل العاطلين عن العمل، الدعاة هنا غالبا لا يزاولون أي أعمال، بل منهم من يعمل في السر حتى لا يدفع الضرائب وفي نفس الوقت يتقاضى التعويض عن البطالة، وهذا ممنوع قانونيا هنا، ومنهم من يحرم العمل القانوني بدعوى أن الضرائب حرام، بعض الدعاة يدعونني إلى ترك العمل للتفرغ إلى الدعوة إلى الله، أنا أعمل سائقا للحافلة أحضر الجماعات في المسجد كلما سمحت لي أوقات عملي، ما حكم العمل السري أو ما يسمى العمل في الأسود، ما حكم التعويض المتقاضى عن البطالة إذا كانت فرص العمل متوفرة والمتقاضي يرفض العمل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق أن بينا أن قوانين البلاد التي يدخلها المسلم بعهد ولا تخالف الشرع يلزم المسلم ألا يخالفها أو يعين على مخالفتها، لأن ذلك مما يقتضيه العهد، وقد قال الله تعالى: وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً {الإسراء:34}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني.

وإذا تقرر هذا فإذا كان المقصود بالعمل الأسود، العمل في الخفاء للتهرب من دفع الضرائب وكانت الضرائب مقابل خدمات يحصل عليها من تؤخذ منه، فلا يجوز ذلك، أما إذا كانت من غير مقابل فلا بأس بالتهرب منها بالعمل في الخفاء لأنها حينئذ غير شرعية ومحض ظلم، ولا يحرم العمل المباح في نفسه في هذه الحالة لمجرد ذلك إذ لا علاقة بين كون الضرائب لا تجوز وبين مشروعية العمل.

وإذا كانت قوانين البلد تشترط للحصول على تعويض عن البطالة عدم العمل أو عدم وجود فرصة عمل مناسبة فلا يجوز مخالفتها أو التحايل عليها، سواء كان ذلك لغرض الدعوة أم لا لعموم الأدلة المتقدمة، ولا سيما أن الدعاة إلى الله هم أولى الناس باحترام العهود والشروط.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني