الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التحذير من مداخل الشيطان الخفية

السؤال

سؤالي يا فضيلة الشيخ حول الرياء وأنا والحمد لله أسعى إلى أن أكون من حملة القرآن الكريموأبذل جهدي في ذلك وأدعوا الله تعالى أن يجعل ذلك في سبيله وأجتهد في إخلاص النية لله ولكن ياشيخ عندما أقرأ أو أسمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صاحب القرآن الذي يقول له الله سبحانه وتعالى إنما فعلت ذلك ليقال لك قارئ وقد قيل هذا معنى حديثه صلى الله عليه وسلم والشطر الثاني من السؤال أن الله تعالى رزقني من الصوت الحسن فبعض الإخوة يحبون أن يستمعوا لصوتي في القراءة ويلحون علي وأنا أتردد من باب خوفي من الرياء وفي الأذان كذلك عندما أرفعه تأتيني وساوس إبليس اللعين تفعل ذلك ليقال لك صوتك حسن؟ فأخاف وأنا أريد أن أخدم القرآن وأن أزين القرآن بصوتي وأن أكون سببا فيمن خشع أو بكى أو تدبر آية سواء كنت إماما في الصلاة أو من استمع إليَّ انصحوني لوجه الله وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فعلى المسلم أن يقصد بعلمه وجه الله عز وجل ، وأن يوحده بالقصد والإرادة ، وأن يحذر على نفسه من الرياء وما شابه ذلك من المقاصد التي تبطل عمله ، وقد تصل به إلى الشرك والعياذ بالله ، وليعلم المسلم أن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه ، موافقاً لما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم ، وقد صح في الحديث أن الله عز وجل يقول : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه . رواه مسلم وغيره .

ولكن على المسلم كذلك أن لا يفتح للشيطان باباً ويجعل له عليه سلطاناً فيشككه في نيته وقصده ، وربما قاده بعد ذلك إلى ترك العمل بحجة فقد الإخلاص ، وهذا مدخل من مداخل الشيطان الخفية التي يجب على العبد التحرز منها ، بل الواجب إخلاص القصد لله ومحاربة النفس من التوجه لغيره ، وما عرض بعد ذلك من وساوس لا ينبغي الالتفات إليها فإنها من الشيطان ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره ، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة ، ولا يضجر، فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان ، إن كيد الشيطان كان ضعيفاً ، وكلما أراد العبد توجها إلى الله تعالى بقلبه جاء من الوساوس أمور أخرى ، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق ، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه ، ولهذا قيل لبعض السلف : إن اليهود والنصاري يقولون : لا نوسوس ، فقال: صدقوا وما يصنع الشيطان بالبيت الخرب ، وإذا استسلم الشخص للوساوس ولم يقطعها فقد تجره إلى ما لا تحمد عقباه ، والعياذ بالله ، ومن أفضل السبل إلى قطعها والتخلص منها : الاقتناع بأن التمسك بها اتباع للشيطان.

وقد سئل ابن حجر الهيتمي رحمه الله عن داء الوسوسة هل له دواء ؟ فأجاب: له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة كافية وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت ، بل يذهب بعد زمن قليل ، كما جرب ذلك الموفقون ، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين ، بل وأقبح منهم كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها ... وجاء في الصحيحين ما يؤيد ما ذكرته وهو أن من ابتلي بالوسوسة فليستعذ بالله ولينته.

فاقرأ القرآن وجوِّده وتغن به ولكن مع مراعاة ضوابط التجويد وعدم التكلف ونحوه، قال ابن قدامة في المغني: وعلى كل حال فقد ثبت أن تحسين الصوت بالقرآن وتطريبه مستحب غير مكروه ، ما لم يخرج ذلك إلى تغيير لفظه وزيادة حروفه . وللاستزادة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30366 // 14628 // 33389 .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني