الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من حبس في الظلام ولا يستطيع معرفة أوقات الصلاة

السؤال

كيف يصلي المسجون في غرفة مظلمة تحت الأرض ولا يعلم شيئا عن وقت الصلاة بسبب الظلام ؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن حبس في مكان مظلم لا يستطيع أن يعرف فيه أوقات الصلاة بيقين فإن عليه أن يقلد من أخبره بذلك عن مشاهدة كالقائم على السجن ونحوه ، وإلا فعليه الاجتهاد ولا يقلد مجتهداً مثله إلا إذا عجز هو عن الاجتهاد بنفسه. وفي حالة الاجتهاد لو اجتهد وصلى فلا إعادة عليه ما لم يعلم أنه صلى الصلاة قبل وقتها.

وقد فصل الإمام النووي رحمه الله تعالى هذه المسألة تفصيلاً شاملاً فقال في المجموع: قال أصحابنا : إذا اشتبه وقتها لغيم أو لحبس في موضع مظلم أو غيرهما لزمه الاجتهاد فيه ، ويستدل بالدرس والأوراد والأعمال وشبهها ، ويجتهد الأعمى كالبصير ، لأنه يشارك البصير في هذه العلامات بخلاف القبلة ، وإنما يجتهدان إذا لم يخبرهما ثقة بدخول الوقت عن مشاهدة ، فإن أخبر عن مشاهدة بأن قال : رأيت الفجر طالعاً أو الشفق غارباً ، لم يجز الاجتهاد ، ووجب العمل بخبره ، وكذا لو أخبر ثقة عن أخبار عن مشاهدة وجب قبوله ، فإن أخبر عن اجتهاد لم يجز للبصير القادر على الاجتهاد تقليده ، لأن المجتهد لا يجوز له تقليد مجتهد ، ويجوز للأعمى والبصير العاجز عن الاجتهاد تقليده على أصح الوجهين لضعف أهليته ، وهذا ظاهر نص الشافعي رحمه الله ، وقطع به القاضي أبو الطيب في تعليقه في تقليد الأعمى ، وإذا وجب الاجتهاد فصلى بغير اجتهاد لزمه إعادة الصلاة وإن صادف الوقت ، لتقصيره وتركه الاجتهاد الواجب .. قال في التتمة : لو ظن دخول الوقت فصلى بالظن بغير علامة ظهرت فصادف الوقت لا تصح صلاته لتفريطه بترك الاجتهاد والعلامة ، وإذا لم تكن له دلالة أو كانت فلم يغلب على ظنه شيء لزمه الصبر حتى يظن دخول الوقت ، والاحتياط أن يؤخر إلى أن يتيقنه أو يظنه ، ويغلب على ظنه أنه لو أخر خرج الوقت نص عليه الشافعي رحمه الله ، واتفق الأصحاب عليه ، وإذا قدر على الصبر إلى استيقان دخول الوقت جاز له الاجتهاد على الصحيح ، وهو قول جمهور أصحابنا .. وحيث جاز الاجتهاد فصلى به إن لم يتبين الحال فلا شيء عليه ، وإن بان وقوع الصلاة في الوقت أو بعده فلا شيء عليه وقد أجزأته صلاته؛ لكن الواقعة فيه أداء والواقعة بعده قضاء على أصح الوجهين ، ... ولو أخبره ثقة أن صلاته وقعت قبل الوقت فإن أخبره عن علم ومشاهدة وجبت الإعادة؛ كالحاكم إذا وجد النص بخلاف حكمه فإنه يجب نقض حكمه ، وإن أخبره عن اجتهاد فلا إعادة بلا خلاف ، ولو علم المنجم الوقت بالحساب حكى صاحب البيان أن المذهب أنه يعمل به بنفسه ولا يعمل به غيره. انتهى. وهو تفصيل واف لهذه المسألة .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني