الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإيمان كما أراده الله وغرسه رسوله

السؤال

ما هو الإيمان الذي غرسه الرسول في قلوب الصحابة حتى آمنوا قبل اكتمال نزول القرآن لا أريد التعريف التقليدي للإيمان أي الإقرار والتسليم فهذا غير كاف حتى يصل المسلم إلى المرتبة التي وصل لها الصحابة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الإيمان الذي تعلمه الصحابة هو اليقين بالله واليوم الآخر، وتعظيم الله ومحبته، وكمال التصديق والانقياد الذي هيأهم للاهتداء بالقرآن والتصديق والعمل به وتقبل أحكامه، والتصديق بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن أعظم الوسائل التي اكتسبوا بها تلك الدرجة الإيمانية ملاحظتهم دلائل صدق ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وما أكرمه الله به من المعجزات، إضافة إلى تركيز النبي صلى الله عليه وسلم عليهم وكثرة مدارسته معهم مسائل الإيمان بالغيب والآخرة، فتزكت نفوسهم وتطهرت، وصلحت قلوبهم فخضعت جوارحهم وانقادت للأوامر القرآنية. قال الله تعالى : الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {البقرة: 1 ـ 5} وقال تعالى : قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ {البقرة: 97} وقال تعالى : كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ {الأعراف: 2} وقال تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {يونس: 57} وقال تعالى : طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ * هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ {النمل: 1 ـ 2}

وقد ثبت عن جندب بن عبد الله أنه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيماناً ، رواه ابن ماجه ، وقال الكناني في مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه : هذا إسناد صحيح رجاله ثقات ، قال الشيخ الألباني : صحيح .

وفي المستدرك عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يتحدث الناس بذلك، فارتد ناس ممن كانوا آمنوا به وصدقوه، وسعوا بذلك إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا: هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس؟ قال: أوَ قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لئن كان قال ذلك لقد صدق، قالوا: أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ قال: نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة، فلذلك سمي أبو بكر الصديق ، قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ، ووافقه الذهبي في التلخيص والألباني في الصحيحة .

وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار ، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا : لا ندع الخمر أبداً ، ولو نزل لا تزنوا لقالوا : لا ندع الزنا أبداً .. .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني