الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مساكنة الفجار وهجر المسلم ولو قريبا للمصلحة

السؤال

بارك الله فيكم : أنا أسكن مع شباب تائهين لا يصلون ، ويفعلون ما لا يرضي الله فهل أبقى معهم أم أخرج ، وما الحكم الشرعي في بقائي .؟
س:نفس المشكلة في بيت العائلة، وقد قاطعت أخي لشدة فساده وأحيانا إلحاده ومقاطعته خير لي فهل أبقى كذلك أم ماذا افعل ؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه لا شك أن الإنسان يتأثر بواقع من يساكنهم, وأقل أحواله أن يألف حصول المنكر بحضرته ولا ينكره, ولذا حض أهل العلم على مصاحبة أهل الخير ومخالطتهم ومجالستهم واستدلوا لذلك بحديث مسلم في من قتل مائة نفس حيث أمره العالم بالانتقال من أرضه إلى أرض بها أناس صالحون ليعبد الله معهم فقال له: انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء واستدلوا لذلك بحديث أبي داود: الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل، وبحديث أحمد: لا تصاحب إلا مؤمنا.

وبناء عليه فيتعين عليك البحث عن السكن مع أناس طيبين يعينونك على الطاعة ويساعدونك في الاستيقاظ لحضور الصلاة في الجماعة, واحرص كذلك على الاستعانة بهم على هداية أصدقائك وأخيك وأهل بيتك, واستخدم في ذلك ما أمكنك من الوسائل المساعدة في هدايتهم كالنصح بالحكمة والموعظة الحسنة والجدل بالتي هي أحسن, وإهداء الرسائل والأشرطة النافعة وربطهم بالأصدقاء الصالحين. وأما مساكنتهم في هذه الحال فلا تسوغ إلا لضرورة أو كنت تعلم أنك آمن من التأثر بهم ويمكنك التأثير عليهم, وقد يمكنك حصول ذلك إذا وجدت أصدقاء طيبين يشاركونك في السكن معهم ويساعدونك في التأثير عليهم.

وأما مقاطعة أخيك فلا تتعين إلا إذا كنت نصحته وسعيت في إقناعه وحاورته وناقشته وبينت له الحق في بطلان ما هو عليه من الإلحاد فإن حصل ذلك وكانت مقاطعتك له تؤثر عليه حتى يرضخ للحق ويحرص على الاتصال بك وترضيك فيشرع هجره.

وإن كان الهجر لا يؤثر عليه لوجود أصحاب وأقارب آخرين يأنس بهم عنك ويستعين بهم فليس في هجره فائدة بل هو مخالف لمنهج الأنبياء فإنهم ما هجروا أقوامهم مع حرصهم على الشرك وتماديهم عليه، فقد صبر نوح عليه السلام يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله ليلا ونهارا سرا وجهارا.

ولا نعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه هجر بعض أصحابه إلا بعد إقامته لدولة الإسلام في المدينة وتمكن الإسلام فيها, ولذلك كان لهجره للثلاثة الذين خلفوا أثر كبير عليهم حيث ضاقت عليهم الأرض وضاقت عليهم أنفسهم وكانوا صادقين في توبتهم.

وأما من لا يتأثر بالهجران فلا ينبغي هجره, ولا الملل من كثرة دعوته ومناصحته ومحاورته وجداله بالتي هي أحسن, وبيان الحق له حتى يرجع للرشد والصواب، وراجع الفتاوى التالية أرقامها:34422، 41016، 28565، 54971، 58252، 62549، 34386، 24857، 52998.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني