الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم شراء البائع ما باعه نقدا بأكثر منه نسيئة

السؤال

رجلان شريكان في سيارة، أحدهما له فيها 20 ألفًا، والآخر له 10 آلاف، صاحب العشرة يريد فك الشركة، والآخر ليس معه مال لفكها، فلجأ صاحب العشرة لتاجر وقال له أعطني 10 آلاف، وكن شريكًا بدلًا مني في السيارة، فوافق، ثم بدا له أن يفك الشركة، ولكن أيضاً صاحب العشرين ليس معه مال ليفكه، فقال له: أقسط لك 10 آلاف، لكن بــ 15 ألفًا على مده 15 شهرًا، فهل الزيادة حرام؟ وقد قال له التاجر حتى نخرج من الشبهة أنا سأشتري السيارة منكما بــ 30 ألفًا، وكل واحد يأخذ نصيبه، فاشترط صاحب العشرين أن يشتري السيارة بعد شراء التاجر لها، فاشترط التاجر أن يبيعها ولكن بـ 40 ألفًا بالتقسيط ويأخذ الـ 20 ألفًا مقدماً، فوافق الطرفان. فما حكم هذا البيع؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن المعاملة المذكور محرمة شرعاً؛ لاشتمالها على محذورين:

الأول: بيع وشرط، والثاني: الاتفاق على أن يشتري البائع السلعة نفسها بأكثر من ثمنها نسيئة (دينا)، أما اشتمالها على بيع وشرط فهو اشتراط البائع (وهو أحد الشريكين هنا) على المشتري أن يبيع له السلعة بشرط شرائها منه.

جاء في المجموع فيمن باع شيئاً بشرط ينافي مقتضاه بأن شرط أن لا يبيعه أو لا يبيعه لغيره:.... قد ذكرنا أن مذهبنا المشهور بطلان هذا البيع، وبه قال عمر وعكرمة والأوزاعي ومالك وأبو حنيفة وجماهير العلماء. اهـ.

والمحذور الثاني وهو الاتفاق على أن يشتري البائع السلعة نفسها بأكثر من ثمنها الذي باعها به ديناً، فهذا المحذور هو عكس بيع العينة من حيث الصورة، ولكنه يأخذ نفس حكمها لأنه يفضي إلى ما تفضي إليه من الوقوع في الربا.

جاء في الإنصاف: الثالث: عكس بيع العينة مثلا في الحكم، وهو أن يبيع السلعة بثمن حال، ثم يشتريها بأكثر نسيئة، ونقل داود يجوز بلا حيلة. قال المصنف: ويحتمل أن يجوز له شراؤها بجنس الثمن بأكثر منه إذا لم تكن مواطأة ولا حيلة، بل وقع اتفاق من غير قصد.

وجاء في كشاف القناع: وعكسها أي عكس مسألة العينة وهو أن يبيع السلعة أولاً بنقد يقبضه، ثم يشتريها من متشريها بأكثر من الأول من جنسه نسيئة أو لم يقبض مثلها في الحكم، لأنه يتخذ وسيلة إلى الربا. اهـ.

هذا، وما اقترحه الشريك صاحب العشرين على شريكه صاحب العشرة من أن يشتري منه نصيبه ديناً بخمسة عشر جائز.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني