الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ماذا تفعل إذا رفض زوجها سداد دينه لأبيها المتوفى

السؤال

زوجي استلف من أبي مبلغا من المال على أنه دين لفترة قصيرة ويرده متى استرد ماله من الناس، ثم توفي أبي قبل أن يرد زوجي له المال وأصبح هذا المال ورثا، علما بأن جميع الورثة نساء ومنهن محتاجات جدا له ورفض زوجي أن يرد المال وقال إنه ليس لأحد عنده شيء فقررت أن أرده من مالي الخاص لو بدون علمه ولو بالتقسيط، فعلم زوجي بما أريد أن أفعل فحلف علي بالطلاق أن لا أرد ولا حتى دينار من المال وإن فعلت بعلمه أو بدون علمه أكون طالقا وإن لدي أولادا ولا أعرف كيف أتصرف، أهلي يطالبون بالمال وهو حقهم وزوجي يرفض ظلما، إني في حيرة بين أهلي وزوجي وبيتي وأولادي وبين ربي وضميري، فماذا أفعل أفيدوني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان زوجك قادراً على الوفاء بالدين المذكور فالواجب عليه قضاؤه ولا يجوز له تأخيره فضلا عن إنكاره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم, فإذا أتبع أحدكم على ملي فليتبع. متفق عليه.

ويتأكد نصحه مع بيان خطورة ما أقدم عليه, وتذكيره أن الدين المذكور سيحاسب عليه في الآخرة حيث يؤخذ من حسناته إن وجدت, وإلا وضع عليه من سيئات أصحاب الحقوق، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة, ويأتي قد شتم هذا, وقذف هذا, وأكل مال هذا, وسفك دم هذا, وضرب هذا؛ فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته, فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه, ثم طرح في النار. رواه مسلم. وراجعي الفتوى رقم: 15937، والفتوى رقم: 64648.

وتنبغي الاستعانة بمن له مكانة عند ذلك الزوج كصديقه المخلص أو إمام مسجد حيه أو بعض الدعاة المخلصين، ويحق لهؤلاء الورثة أن يرفعوا الأمر إلى المحكمة الشرعية إن كان لديهم ما يثبت حقهم لتنتزع منه ذلك الدين، أما إن كان الرجل معسراً فالواجب تأخيره إلى أن يستطيع الوفاء، لقوله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {البقرة:280}، ولا يلزمك أنت التطوع بقضاء الدين عن زوجك, بل لا ينبغي لك أن تفعلي ذلك إذا ترتب على ذلك وقوع الطلاق وانهدام كيان الأسرة لما يترتب على ذلك من أضرار, وينبغي لك أن تطلعي زوجك على هذه الفتوى, وتجتهدي في نصحه والدعاء له بالتوفيق إلى الرشد والصواب، كما ينبغي أن تحاولي الصلح بينه وبين أهلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني