الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ترك العمل لأجل توفير اللحية

السؤال

مشايخنا الكرام أرجو أن تفتوني في الأمر الآتي وتوضحوا، جزاكم الله خيراً..أخي قررأخيرًا أن يُعفي لحيته ونظرًا لخطورة الأمر عندنا ترك عمله حتى لايؤذي أحدًا من رفاقه أو عملاء العمل؛ لأن وجود شخص ملتحٍ في تلك المجموعة قد يوحي للجهات المسؤولة في البلاد أنهم يمولون فرق جهادية أو إرهابية كما هو شائع، مع العلم أنه بحاجة للعمل خاصة وإنه أخذ على عاتقه مساندة والده في قضاء الديون المتراكمة على والده ، وبعد أن ترك عمله اتجه إلى أحد المساجد ليحفظ القرآن فما كان من والدته إلا أن خيرته بين حلق اللحية أو ترك المسجد للحفظ، فقرر ترك المسجد ظناً منه وليس علماً بأن إعفاء اللحية أولى من حفظ القرآن، وأنا حائرة في أمره وأخشى عليه التعنت على نفسه فقد يكون ذلك سببًا في انتكاسه لا قدر الله كما حدث لأناس كثيرين فأرشدوني لما عليه فعله تجاهه ؟
وجزاكم عن الأمة خير الجزاء .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتوفير اللحية وقص الشارب وتكرر الأمر بذلك في عدة أحاديث في الصحيحين وغيرهما ، ولذلك فيجب على المسلم توفيرها ما دام يستطيع إلى ذلك سبيلا ، أما إذا كان توفيرها يسبب له ضررا محققا فله أن يخففها إذا كان ذلك يرفع عنه الضرر, ولا يجوز له حلقها إلا إذا تعين الحلق وسيلة لرفع ذلك الضرر لأن الله يقول : فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ {البقرة: 173 } وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم : 3198 ، نرجو أن تطلع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها .

ولذلك فإذا كان هذا الأخ لا يحتاج إلى العمل المذكور أو كان يجد عملا غيره لا يسبب له توفير اللحية فيه ضررا محققا أو غالبا على الظن فإن ما فعل من ترك هذا العمل هو الصواب ، ولا يجوز له أن يهجر المسجد أو يترك الصلاة فيه مع الجماعة طاعة لأمه أو لغيرها ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا طاعة في معصية الله ، إنما الطاعة في المعروف . رواه مسلم وغيره .

ومع ذلك فإن عليه أن يبر والديه ويحسن إليهما ويطيعهما في غير معصية وخاصة الأم, ونرجو أن تطلع على المزيد في الفتوى رقم : 52814 ، وما أحيل عليه فيها .

وسيجعل الله تعالى له من كل هم فرجا, ومن كل ضيق مخرجا؛ كما قال الله تعالى : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 2 ـ 3 } نسأل الله تعالى أن يحفظكم من كل مكروه, ويوفقكم لما يحبه ويرضاه .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني