الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مادة (ز ك ا ) في القرآن الكريم

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيمأشكركم كثيرا على إجاباتكم على أسئلتي رغم أنها في بعض الحالات أسئلة شخصية تخص شخصي ، ولكن إجاباتكم شافية وكافية.هذه المرة أريد تفسيرا لكلمة زكى التي وردت في القرآن الكريم :قد أفلح من زكاها ، قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ، ولا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقىوغيرها من المواضيع التي وردت فيها هذه الكلمة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد وردت هذه المادة اللغوية ( ز ك ا ) في القرآن الكريم في أكثر من موضع وبأكثر من صيغة ولأكثر من معنى، وخلاصة القول فيها ما ذكره ابن منظور في لسان العرب قال : وأصل الزكاة في اللغة الطهارة والنماء والبركة والمدح وكله قد استعمل في القرآن الكريم والحديث، إذاً تدور هذه المادة اللغوية في القرآن الكريم لتلك المعاني ، وأما تزكية النفس في الاصطلاح الخاص فهو تطهيرها من أمراض الشهوات والشبهات، قال الطاهر بن عاشور: يتعين تزكية النفس بتطهيرها من آثار القوى الشهوانية والغضبية بقدر الإمكان، وفي حواشي الشرواني: تزكية النفس عن الرذائل وتحليتها بالأخلاق والملكات الفاضلة، وذلك هو معنى قوله تعالى: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا { الشمس : 7 ـــ 10 }، قال ابن كثير في تفسيره : قد أفلح من زكى نفسه أي بطاعة الله كما قال قتادة : وطهرها من الأخلاق الدنيئة والرذائل وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا أي أخملها ووضع منها بخذلانه إياها عن الهدى حتى ركب المعاصي وترك طاعة الله عزوجل . انتهى منه بتصرف يسير

وأما تزكية النفس المنهي عنها في قوله تعالى : فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ { النجم : 32 } فإنما هو مدحها للفخر والتعالي، قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: وأما النهي عن تزكية النفس فإنما هو لمن زكاها ومدحها لغير حاجة بل للفخر والإعجاب، وقد كثرت تزكية النفس من الأماثل عند الحاجة كدفع شر عنه بذلك أو تحصيل مصلحة للناس أو ترغيب في أخذ العلم عنه أو نحو ذلك، فمن المصلحة قول يوسف صلى الله عليه وسلم اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ، ومن دفع الشر قول عثمان رضي الله عنه في وقت حصاره أنه جهز جيش العسرة وحفر بئر رومة ومن الترغيب قول ابن مسعود هذا وقول سهل بن سعد ما بقي أحد أعلم بذلك مني وقول غيره على الخبير سقطت وأشباهه . انتهى

وقد بينا طرفا من هذه المعاني والجمع بينها في الفتوى رقم :73631 .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني