الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من علق الطلاق بفعل غيره

السؤال

مسألة طلاق زوجي قال لي إذا طلبت الطلاق مرة أخرى فأنت طالق بالثلاث فأحد الأيام كان يتكلم بموضوع يخصنا وما كنت أنوي الطلاق ولكنه أغضبني فطلبته ولكن كنت في حالة غضب وبعد دقائق طلبتها مرة أخرى ولم أدرك ذلك إلا أني كنت في حالة غضب لدرجة لم أكن أعي ما أقول فلست متأكدة أصلا أني قلتها وكذلك في الثالث ولكن هو من أكد لي أنني قلتها ثلاث مرات وسبب طلبي الطلاق عدم اهتمامه بي من كل النواحي وكان عديم المسؤولية وتقليل دائم من شأني. سؤال هل يجوز الطلاق وهل هي ثلاث أم واحدة مع العلم أني لم أكن أنوي الطلاق بل تنبيهه على عدم مسؤليته فقط وإنهاء الحوار الذي كان بيننا في تلك اللحظة فأرجو رأيكم في هذه القضية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقول الرجل المتقدم ، هو تعليق للطلاق بطلب الزوجة الطلاق ، فإذا طلبته وقع الطلاق على قول جمهور أهل العلم ولو لم ينو الطلاق ، وذهب ابن تيمية وآخرون إلى أنه إذا لم ينو الطلاق ، وإنما نوى المنع والتهديد فإنه يمين ، ويلزمه كفارة يمين إذا وقع المعلق عليه .

ويقيد بعض العلماء ومنهم الشافعية وقوع الطلاق المعلق بعدم فعل المعلق عليه في حال النسيان أو الجهل أو الإكراه، فإن فعله ناسيا أو جاهلا أو مكرها لم يقع الطلاق ، هذا في التعليق بفعل نفسه ، أما بفعل الغير -كما في السؤال- فكذلك بشرط كون الغير مباليا بتعليقه ، فإن لم يكن مباليا ، فيقع الطلاق ولو مع النسيان والإكراه.

قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى : ومنها: متى حلف بطلاق أو غيره على فعل نفسه ففعله ناسيا للتعليق أو ذاكرا له مكرها على الفعل، أو مختارا جاهلا بالمعلق عليه لا بالحكم خلافا لمن وهم فيه لم يحنث للخبر السابق { إن الله تعالى وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه } أي : لا يؤاخذهم بشيء من هذه الثلاثة ما لم يدل دليل على خلافه كضمان المتلف ، فالفعل مع ذلك كلا فعل ، وكذا لا حنث إذا علق بفعل غيره المبالي بتعليقه بأن لم يخالفه فيه لنحو صداقة أو حياء أو مروءة . وقصد بذلك منعه أو حثه وعلم بالتعليق ففعله ذلك الغير ناسيا أو جاهلا أو مكرها، أما إذا لم يقصد منعه ولا حثه أو كان ممن لا يبالى بتعليقه كالسلطان والحجيج , أو لم يعلم به ففعله فإنه يحنث به ولو مع النسيان وقسيمه ; لأن الغرض حينئذ مجرد التعليق بالفعل من غير قصد منع أو حث. انتهى

وعليه؛ فإذا كنتِ قد وصل بك الغضب إلى درجة لا تعين فيها ما تقولين كنتِ في حكم المكرهة على طلب الطلاق، فلا يقع إذاً الطلاق المعلق على طلبك للطلاق إذا لم يقصد الزوج تعليق الطلاق, وإنما قصد منعك من طلب الطلاق. وعلى كلٍ فالذي ننصحكم به هو مراجعة المحاكم الشرعية في بلدكم .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني