الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أوجه المناسبة بين سورة البقرة وآل عمران

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم السؤال : لماذا بدأ الله كتابه القرآن بسورة البقرة وما علاقتها بسورة آل عمران.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فترتيب سور القرآن توقيفي, وقيل اجتهادي. والراجح أن هذا الترتيب الموجود الآن أو ما هو قريب منه كان معهودا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما بينا في الفتوى رقم :9138 . وبناء عليه فالقرآن مبدوء ومفتتح بسورة الفاتحة وليس البقرة كما ذكرت .

قال ابن كثير في مقدمة تفسيره : الحمد لله الذي افتتح كتابه بالحمد فقال :الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ { الفاتحة :1-3 } فالفاتحة هي أول سورة في المصحف الكريم.

وأما سؤالك عن علاقة البقرة بآل عمران.. فالجواب عنه أنهما تشتركان في جملة من الخصائص فإنهما تأتيان يوم القيامة تقدمان القرآن وأهله؛ لما في صحيح مسلم من حديث النواس بن سمعان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران ، وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمثال -ما نسيتهن بعد- قال: كأنهما غمامتان، أو ظلتان سوداوان بينهما شرق، أو كأنهما حزقان من طير صواف، تحاجان عن صاحبهما . وتسميان بالزهراوين؛ كما في صحيح مسلم من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اقرأوا القرآن, فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه, اقرأوا الزهراوين البقرة وآل عمران .

قال القرطبي : وللعلماء في تسمية البقرة وآل عمران بالزهراوين ثلاثة أقوال : الأول : أنهما النيرتان، مأخوذ من الزهر والزهرة فإما لهدايتهما قارئهما بما يزهر له من أنوارهما أي من معانيهما . وإما لما يترتب على قراءتهما من النور التام يوم القيامة وهو القول الثاني . وأما القول الثالث : سميتا بذلك لأنهما اشتركتا فيما تضمنه اسم الله الأعظم ، كما ذكره أبو داود وغيره عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين : وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ {البقرة :163 } والتي في آل عمران : اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ { آل عمران :2 } أخرجه ابن ماجة أيضا . انتهى منه.

قال الطاهر بن عاشور : فالظاهر أن تقديم سورة آل عمران على سورة النساء في المصحف الإمام ما كان إلا اتباعا لقراءة النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما قرأها النبي صلى الله عليه وسلم كذلك إما لأن سورة آل عمران سبقت في النزول سورة النساء التي هي من آخر ما أنزل، أو لرعي المناسبة بين سورة البقرة وآل عمران في الافتتاح بكلمة آلم ، أو لأن النبي صلى الله عليه وسلم وصفهما وصفا واحدا، ففي حديث أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اقرأوا الزهراوين البقرة وآل عمران. وذكر فضلهما يوم القيامة، أو لما في صحيح مسلم أيضا عن حديث النواس بن سمعان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران . اهـ

وهذه جملة مما اشتركتا فيه تبين مدى العلاقة بين السورتين. وللاستزادة انظر كتب التفسير وعلوم القرآن .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني