الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دعاء المرء على نفسه ألا ينجب أولادا

السؤال

هل أنا مُذنب إن دعوت على نفسي بعدم إنجاب الأولاد، علماً بأني أخشى على أولادي الفتنة خاصة أني أقيم في بلد أوروبي؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن إنجاب الأولاد هو أهم مقصود من الزواج، روى أحمد وأبو داود والبيهقي من حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تزوجوا الودود الولود إني مكاثر الأنبياء يوم القيامة. وروى ابن ماجه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النكاح من سنتي, فمن لم يعمل بسنتي فليس مني, وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم, ومن كان ذا طول فلينكح, ومن لم يجد فعليه بالصيام, فإن الصوم له وجاء. قال الشيخ الألباني: حسن.

والإنجاب هو من حق كل واحد من الزوجين، فلا يجوز لأي منهما منع الآخر منه لغير ضرورة، ولذا نهي عن العزل بغير رضا الزوجة. روى الإمام أحمد وابن ماجه من حديث عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها.

وقال ابن قدامة في المغني: ولأن لها في الولد حقاً، وعليها في العزل ضرراً, فلم يجز إلا بإذنها. انتهى.

ومن هذا يعلم الأخ السائل أن دعاءه هذا من الاعتداء في الدعاء وهو مخالف لما أمر به صلى الله عليه وسلم من التكاثر، كما أنه في معنى الدعاء على الأولاد الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، كما أسلفنا في الفتوى رقم: 8729.

وكان عليه بدل دعائه هذا أن يسأل الله تعالى العافية والذرية الصالحة.

كما ننبه على أن الإقامة في البلاد التي يخشى المسلم فيها من الفتنة في دينه لا تجوز إلا في حال الضرورة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 2007.

فعليه أن يتوب إلى الله تعالى وينتقل إلى بلد يأمن فيه هو وأولاده من الفتنة, إلا أن يكون مضطراً للمقام في تلك البلاد، فعليه أن يحافظ ما استطاع على نفسه وعلى أطفاله إن رزقه الله أطفالاً, بأن يربيهم تربية صالحة على وفق شرع الله تعالى. فإن أعظم ما ينبغي أن يحرص عليه الآباء هو صلاح أبنائهم ليكونوا لهم قرة عين في حياتهم، ومادة لزيادة حسناتهم بعد مماتهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. الحديث رواه مسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني