الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشروعية الدعاء على مقاتلي الكفار وظلمتهم

السؤال

في خطبة الجمعة الماضية قال الخطيب بعد انتهاء الخطبة في دعائه: اللهم عذب أيان حرسي على في الدنيا, اللهم اجعلها تعيش كما يعيش شارون, اللهم عذبها في القبر, وقال أحد المصلين بعد انتهاء الصلاة لا يجوز أن يقول الإمام مثل هذا الدعاء والمفروض أن يدعو الإمام لأيان وشارون بالهداية, سؤالي هل يجوز أن ندعو بالهداية لهذين الشخصين أم ننكرهما, ومعلوم أن أيان هي التي سبت الرسول عليه الصلاة والسلام واستهزأت بكلام الله ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء بالهداية لأعدائه من الكفار ، ففي الصحيحين أنه دعا لدوس فقال : اللهم اهد دوسا . وفي سنن الترمذي أنه دعا لثقيف فقال : اللهم اهد ثقيفا . ودعا لأم أبي هريرة بالهداية كما في صحيح مسلم ، وفي صحيح مسلم أنه قيل له يا رسول الله ادع على المشركين، فقال : إني لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة ، وما تقدم كله كان في الغالب الأعم .

وقد شرع كذلك الدعاء على الكفرة والظلمة وذكر في حديث الصحيحين أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب ، وقد دعا على الكفار يوم أحد فقال : اللهم قاتل الكفرة . رواه البخاري في الأدب ، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي ، وقد دعا على قريش فقال : اللهم اشدد وطأتك على مضر . رواه البخاري ، وقد دعا نوح وموسى عليهما الصلاة والسلام على الكفار فقال نوح : رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا {نوح: 26 } وقال موسى : رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ {يونس: 88 }

وقد ذكر أهل العلم أن سؤال الهداية للكفار والسعي في هدايتهم وحبها لهم أمر مشروع مرغب فيه لأن هداية الناس هي مهمة الأنبياء وأتباعهم ، وحملوا دعوة نوح عليه السلام على أنه دعا عليهم بعد اليأس من إيمانهم لما أوحي إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ، وذكروا كذلك مشروعية الدعاء على الكفار بما يضعفهم حتى يرضخوا للحق كما في حديث البخاري : اللهم اشدد وطأتك على مضر ، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف . وذكروا كذلك مشروعية الدعاء على مقاتلي الكفار وظلمتهم ، ولا مانع من الجمع بين ذلك فتقول اللهم اهد فلانا وارزقه إيمانا يحمله على الطاعة ويمنعه من المعصية ، وإن علمت أنه لا يهتدي فأهلكه وعذبه ، وراجع الفتاوى التالية أرقامها : 19230 ، 64779 ، 20322 .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني