الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تخصيص الوالد ولده بقرض دون سائر إخوته

السؤال

أبي قد من الله عليه ب8 أبناء و8 بنات والمال، أنا متزوج وأعمل وابتليت بالدين بما يقارب 600000 في البنوك, عندي فكرة أحب أن أستفتي فيها قبل عرضها على أبي، هل يجوز أن أقترض من أبي وأسدد دين البنوك وأسد إلى أبي من إيجار البيت علما بأني مستأجر عند أبي وكذلك بعض من إخوتي مستأجرون معه فهل إذا ساعدني بأخذه للإيجار وأسدد أنا الباقي من راتبي يكون في ذلك شيء, أعني بالتفرقة بيني وبين إخوتي هل يجوز ذلك أم لا , أنا أريد بمقصدي هذا الابتعاد عن البنوك الربوية التي أتعامل معها وأن أبدأ حياة جديدة , لأن البنوك الربوية لا يبقى فيها المال ولو كان المال حلالا فإن الله لا يبارك فيه, هل على أبي حرج في ذلك أم لا ؟
هل يعتبر قد فرق بيننا بأن أقرضني المال وسددته إلى البنك ومن ثم أخذت من إيجار البيت وسددت له
وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا ريب أن الاقتراض من البنوك الربوية إثم عظيم وبلاء كبير، وأن على من تلبس بذلك التوبة إلى الله عز وجل والإقلاع فورا عن الاقتراض من هذه البنوك، وأن يندم على ما فات ويعزم على عدم العود لمثلها.

أما بشأن الديون السابقة فإنه لا يلزم ردها فورا إن كانت تقسط عليه، إلا أن يكون تسديدها فورا يسقط عنه الفوائد الربوية، أما إذا بقيت الفوائد على حالها فلا فائدة من المبادرة إلى السداد إلا فائدة يجنيها البنك الربوي نفسه، وهو أن يجتمع له سرعة السداد مع الفائدة.

أما مسألة أن يخصك والدك بالقرض دون إخوانك، فنقول إن الإقراض داخل في التبرع، فهو منيحة في اللغة، وسماه الشرع كذلك كما جاء في شرح النووي لمسلم، قال: قال أهل اللغة المنيحة ناقة أو بقرة أو شاة ينتفع بلبنها ووبرها وصوفها وشعرها زمانا ثم يردها. اهـ.

فهذا قرض في الحيوان كما يوجد قرض في النقد.

وجاء في إعلام الموقعين: فإن القرض من جنس التبرع بالمنافع كالعارية ولهذا سماه النبي صلى الله عليه وسلم منيحة فقال: أو منيحة ذهبا ومنيحة ورق. وهذا من باب الإرفاق لا من باب المعاوضات.

وإذا تقرر أن القرض من جنس التبرع فقد نص العلماء على أن المطلوب من الأب المساواة بين أولاده فيه جاء في فتوحات الوهاب: وكره لمعط تفضيل أي سواء كانت العطية هبة أو هدية أو صدقة أو وقفا أو تبرعا آخر. اهـ.

وللوقوف على أقوال أهل العلم في هذه المسألة بين من يمنع المفاضلة مطلقا ومن يجيزها للسبب أو المسوغ راجع الفتوى رقم: 6242، هذا وفي حال ما إذا كان تسديدك للديون يسقط عنك الفوائد أو ينقذك من فوائد أخرى عند التأخر عن السداد في أجله فلا ريب أن ذلك يعتبر مسوغا شرعيا لتفضيلك على إخوانك في هذه المنيحة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني