الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يرد المال لمن دفعه لقصد معين ثم طالب برده

السؤال

هل أخذ المال من أجنبي غير عربي إعانة حلال أو حرام، خاصة وأنه طالبني به بعد أن بعث لي المال كإعانة وأراد الضغط علي بأن أتزوجه أو أرد له المال، وحين رفضت الزواج -رفع علي قضية مدنية- وهو يعلم جيداً أني قد تصرفت بهذا المال وليس لي المبلغ لأسدده؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذا الرجل الذي دفع المال إما أن يكون دفعه على قصد مشروع كمن دفع مالاً إلى امرأة لتتزوجه، فإذا لم يتحقق مقصوده فله أن يرجع عليها بما دفعه وحكمه حكم من وهب شيئاً ليعوض عليه فإذا لم يعوض رُدّ إليه ماله.

ومما ذكره الفقهاء قريباً من هذه الصورة ما جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير في المرأة تهب الرجل شيئاً من مهرها أو مال لها غير المهر على قصد دوام العشرة، فإذا لم يحصل مقصودها كأن طلقها أو فسخ النكاح فإنها ترجع بما وهبته عليه ويرده لها.

جاء في المصدر المذكور: ... إلا أن تهبه شيئاً من صداقها قبل البناء أو بعده على قصد دوام العشرة معها فطلقها أو فسخ النكاح لفساده قبل حصول مقصودها فلا يكون الموهوب كالعدم بل يرده لها كعطيته -مصدر مضاف لمفعوله- أي أن الزوجة إذا أعطت زوجها مالاً غير الصداق لذلك أي دوام العشرة ففسخ النكاح لفساده جبراً عليه فترجع بما أعطته له وأحرى لو طلق اختياراً، هذا إذا فارق بالقُرب، وأما بالبعد بحيث يرى أنه حصل غرضها فلا ترجع وفيما بين ذلك ترجع بقدره. انتهى.

وإما أن يكون الرجل المذكور دفع المال على قصد غير مشروع كعلاقة محرمة ونحو ذلك فلا حق له في المطالبة بما دفع، ولا يحل للمرأة كذلك تملكه لأنه مال مبذول في سبيل منفعة محرمه فلا يطيب لها ولا يرد إلى صاحبه إن كان حصل غرضه المحرم حتى لا يجمع له بين العوض والمعوض، كما جاء في فتاوى ابن تيمية: ... بل يؤخذ هذا المال فيصرف في مصالح المسلمين كما قيل في مهر البغي وحلوان الكاهن وأمثال ذلك مما هو عوض عن عين أو منفعه محرمة إذا كان المعاوض قد استوفى العوض. انتهى.

وإذا كانت المرأة استهلكت هذا المال فإن كانت غنية أخرجت مثله فصرفته في مصالح المسلمين وإن كانت فقيره فلا شيء عليها مع وجوب التوبة إلى الله عز وجل من تلك العلاقة المحرمة والعزم على عدم العود لمثلها، وقطع الأسباب من جهتها الموصلة إلى مثل هذه العلاقة الآثمه.

وننبه إلى أنه لا فرق فيما تقدم بين أن يكون الرجل عربياً وأن يكون غير عربي كما جاء الإشارة إلى ذلك في صدر السؤال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني