الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بذل الوسع في وصل ما انقطع من الرحم

السؤال

وقعت مشكلة طلاق بين أختي وابن عمي فحدث شقاق بيننا وقد حدث يوم أن طردت عمي من بيتنا فاتسعت الهوة بيننا، ثم استغفرت ربي وتكلمت مع أبي ومع عمي عن الصلح بيننا جميعا ولحد الآن لم يحدث الصلح هل أكون قد وفيت أجري وكفرت ذنبي؟ وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن التقاطع والتدابر والتشاحن بين المسلمين من أشد الذنوب وأخطر المعاصي؛ ولذا نهى الإسلام عن ذلك وعن كل ما يفضي إليه، فقد روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا، ولا تدابروا... الحديث.

ويشتد الأمر ويزيد الخطر إذا كان التقاطع والتدابر بين الأقارب والأرحام، فإنه كبيرة من كبائر الذنوب، وسبب للطرد من رحمة الله تعالى، قال سبحانه: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22-23}.

وثبت في الصحيحين واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه في ما يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه أنه قال للرحم: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب، قال: فذاك.

وطرد العم من البيت إن لم يكن هو قطع الرحم بذاته فإنه بلا شك وسيلة إليه وإساءة إلى العم وقلة أدب، فعليك أن تتوب إلى الله منه، والخطوة التي قمت بها خطوة طيبة لكنها لا تكفي لتحصيل أجر الصلح والتكفير عما بدر منك تجاه عمك، ولذا عليك أن تسعى جاهداً في لم الشمل وتأليف القلوب والإصلاح بين أهلك وأعمامك، وعليك بالصبر في هذا السبيل فإن الإصلاح بين الناس من أعظم القربات، ولا سيما الإصلاح بين ذوي الأرحام، قال الله تعالى: لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:114}.

فإن بذلت جهدك ولم يجد ذلك في الصلح فنرجو أن تكون قد أبرأت ذمتك مما يجب عليك من الإصلاح ورأب الصدع. ونسأل الله أن يؤلف بين قلوب أسرتك، وأن يزيل من النفوس ما يحرص الشيطان على إثارته من الشحناء والبغضاء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني