الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا مساواة بين من أتى عرافا معتقدا أنه لا يعلم الغيب، وبين من كفر بالله

السؤال

أرسلت لفضيلتكم من قبل سؤالا عن أحد الرجال الطيبين الذي نحسبه كذلك حيث كان يصلي ويصوم ويتصدق ويحج له ولبعض أهله وربى أولاده تربية حسنة وكان يكره الحرام ندعو الله أن يتقبل منه وكان هذا الرجل ذهب إلى أحد الناس الذي يستخدم الجن والقرآن والله أعلم في أمور الخير فقط لأمر دنيوي كمشاكل بينه وبين أولاده ليس لها سبب ليس لمعرفة مستقبل أو غيب وهو يؤمن بأن هذا الرجل لا يعلم الغيب وقد توفي هذا الرجل في 21 من رمضان بعد مرض مع الكبد لم يدم أكثر من 40 يوما تعجب الأطباء في عدم ظهور أعراض المرض عليه وقالوا سبحان الله فأفدتمونا بأنه من ذهب الى عراف فقد كفر بما أنزل على محمد سواء يخرج من الملة أو لا والسؤال هنا هل ساويتم بينه وبين من كفر بالله وجحد بآياته ولم يسلم؟ أم ماذا؟ أوضحوا لنا الأمر جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد صح في المسند وغيره: من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد. وقد صححه الألباني والأرناؤوط.

وقد ذكرنا في الفتوى رقم:14231، متى يكفر من أتى عرافا، فمن أتاه وصدقه في قوله معتقدا علمه بالغيب فإنه يكفر كفرا مخرجا من الملة بلا خلاف، وذلك لإشراكه به مع الله في علم الغيب الذي استأثر به لنفسه. قال سبحانه: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الغَيْبَ إِلَّا اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ {النمل :65}.

وأما من أتاه وصدقه مع اعتقاده أنه لا يعلم الغيب، وأنه يأخذ أخباره من الجن الذين يسترقون السمع، أو من القرين المصاحب للإنسان، فبعض العلماء قال: إنه يكفر كفرا مخرجا من الملة، والبعض الآخر قال: كفر دون كفر، وهو كبيرة من الكبائر.

وهذا القول الأخير هو الذي نميل إلى رجحانه.

ومن هذا يتبين لك أنه لا مساواة بين من ذهب إلى عراف وهو يعلم أنه لا يعلم الغيب، وبين من كفر بالله وجحد آياته؛ لأن الثاني خارج من الملة بلا خلاف، والأول مختلف في كفره كما علمت.

ثم على تقدير القول بأن هذا الفعل كفر مخرج من الملة فإنه يغفر بالتوبة؛ لأن التوبة تجب ما قبلها ولو كان كفرا أكبر، بل وتبدل سيئات صاحبه حسنات إذا تاب وآمن وعمل عملا صالحا. كما قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان: 68-71}.

وبما أن الرجل -موضوع السؤال- يؤمن بأن ذاك الرجل لا يعلم الغيب، فنرجو أن لا يكون ممن خرج من الملة، وأن يكون قد تاب من هذا الذنب قبل موته فيكون مشمولا بما وعدت به هذه الآية الكريمة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني