الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

البيت المشترى بالربا بناء على فتوى تبيح ذلك وحكم إعادة التقسيط

السؤال

نحن نعيش في أمريكا، وقد قمنا بشراء بيت بقرض ربوي بناء على فتوى تبيح شراء بيت للسكن مع عدم توفر البنوك الإسلامية، وكانت عملية الشراء منذ 5 سنوات تقريباً، ومدة السداد لثلاثين سنة.
والآن أنا وزوجي اتفقنا أن نخلص النية لله، والتخلص قدر المستطاع من كل ما هو حرام، وعندما علمنا أن هذا ربا محرم، شعرنا بألم وضيق، وبدأنا بالمحاولة بتصحيح حياتنا، وقد ظهرت بنوك إسلامية، وحاولنا عمل ما يسمى ب (ريفاينناس) أي إعادة التقسيط، ويكون ذلك بأن يشتري البنك الإسلامي البيت، بأن يدفع ما بقي علينا من مبلغ للبنك الحالي، ويقوم ببيعه لنا بطريقة المرابحة، ولكن للأسف هذا البنك حتى يقوم بتلك العملية لا بد من توفر شروط معينة، وهذه الشروط لن تتوفر إلا بعد مضي سنة ونصف من الآن. فما الحل؟
وقد قرأت في موقعكم أكثر من فتوى تقول بعدم إلزام من اشترى شيئاً بالربا ببيعه، وتكفي التوبة وعدم التعامل مجدداً بمثل تلك المعاملات، وعندما أخبرت زوجي بذلك قال إن هذا غير مقنع، فما معنى الآية الكريمة (وذروا ما بقي من الربا)؟ وكيف نذر ما بقي وما زلنا ندفعه كل شهر لا سيما أن العقد لمدة 30 سنة؟
فما الحل برأيكم؟ هل نبيع البيت؟ مع العلم أنه ليس من السهل بيعه، فقد يبقى أكثر من سنة وقد لا يباع؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالاقتراض بالربا محرم لا يجوز الإقدام عليه لشراء بيت أو غيره، إلا أن يكون المرء في حالة الاضطرار الشرعي المعتبر، وهي أن لا يجد طريقا لتوفير مسكن إلا بهذه الوسيلة، أو يستهلك الإيجار دخله بحيث لا يبقى له ما يكفيه هو ومن يعول، فإذا تعين القرض الربوي وسيلة إلى دفع هذا الضرر، فلا مانع من أخذه. قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119} وراجعي للتفصيل الفتوى: 49918.

وأما بالنسبة لبيع هذا البيت للتخلص من المعاملة الربوية، فإذا كنتم قد أقدمتم على الاقتراض بالربا بناء على فتوى تبيح شراء بيت للسكن بقرض ربوي، فلا يجب عليكم بيعه، لأنكم أقدمتم على هذه المعاملة الربوية وأنتم تعتقدون جوازها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: كل عقد اعتقد المسلم صحته بتأويل من اجتهاد أو تقليد مثل المعاملات الربوية التي يبيحها مجوزو الحيل، ومثل بيع النبيذ المتنازع فيه عند من يعتقد صحته ومثل بيوع الغرر المنهي عنها عند من يجوز بيعها فإن هذه العقود إذا حصل فيها التقابض مع اعتقاد الصحة لم تنقض بعد ذلك لا بحكم ولا برجوع عن ذلك الاجتهاد.

وأما ما ذكرتم من إعادة التقسيط المسمى (ريفاينناس)، فإذا كان المقصود أن البنك يشتري منكم البيت بمبلغ نقدي يسلمه لكم، ثم يبيعه عليكم بيعاً آجلاً بالتقسيط بمبلغ أكبر، فهذا هو بيع العينة المحرم. ولمعرفة حقيقته راجعي الفتوى: 32279.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني