الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإجراء الشرعي المتبع عند مماطلة المشتري في سداد الأقساط

السؤال

نقوم بتقسيط الأجهزة الكهربائية، وبعض السلع، لمن يريد الشراء بالتقسيط، فلو لم يسدد العميل قسطًا من الأقساط في موعده المتفق عليه، فهل تفرض عليه غرامة (في حالة التعمد بغير عذر، وفي حالة العذر)؟، وقد كان ردكم -حفظكم الله- أن غرامة التأخير حرام، سواء أكانت بعذر أم بغير عذر، ومن البداية نتفق مع من يريد الشراء بالتقسيط (العميل) على جميع التفاصيل الخاصة بعملية التقسيط، من تعريف العميل بالسعر الأصلي للسلعة، وسعرها المرتبط بتقسيطها مدة معينة، وطريقة السداد، ومواعيد السداد، وضمن الاتفاق مع العميل إخباره بأن التأخير في سداد الأقساط سيترتب عليه ضرر للشركة المقسطة للسلعة بشكل أو بآخر، فيتعهد بعدم التأخير، وبسداد الغرامة إن تأخر، ويكون هذا بالاتفاق، وبالتراضي، فهنا يكون العهد والعقد شريعة المتعاهدين والمتعاقدين، ولقد ثبت لنا بالتجربة السابقة أن عدم وجود غرامة، دفع الكثير من العملاء -بل أغلبهم- على التأخر في سداد الأقساط بشكل كبير، وعند إبلاغهم بأن التعامل سوف يأخذ الشكل القانوني، يتجهون للمفاوضات، وسداد جزء من المتأخرات، والوساطات، وتصل مدة التقسيط في النهاية إلى 25 شهرًا، وأحيانًا إلى ثلاثين شهرًا، بدلًا من 18 شهرًا، فيترتب على ذلك خسائر للشركة، وبعدما سبق ذكره -وهو دون مبالغة-، فهل الغرامة حرام؟ وإن كانت حرامًا، فكيف يكون التعامل؟ ونحن نعلم أن الإسلام أرسى قواعد التجارة الصحيحة، والاقتصاد السليم، فنرجو أن يتسع صدركم لهذا السؤال المتعدد الجوانب، وأن نجد عندكم الجواب الشافي لأسئلة طالما أرقتنا، ونخاف أن نغضب الله -جعلكم الله ممن ينيرون الطريق لعبادة-وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:

فالذي قلت: إننا رددنا به في موضوع غرامة التأخير بأنها حرام، سواء أكانت بعذر أم بغير عذر، هو الصحيح الذي نفتي به، ولا يغير منه كون العميل يتعهد بعدم التأخير، وبسداده للغرامة إن تأخر، وأن ذلك يكون بالاتفاق، وبالتراضي: فالعميل إن كان مماطلًا، فإنه يرفع أمره إلى المحاكم؛ لتلزمه بالسداد.

وللجهة المتعاقدة معه قبل ذلك أن تأخذ الضمانات الكافية للسداد، من قبيل الكفيل، والرهن.

وإن كان معسرًا، فالواجب إنظاره، إلى أن يقدر على السداد، أو التصدق عليه بالدَّين؛ لقول الله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280}.

وأما أن يشترط عليه في العقد أن يعوض تأخير السداد، فذلك هو ما يسميه الفقهاء المعاصرون بالشرط الجزائي، ولا يجوز؛ لأنه ربا محض، وهو مثل قول أهل الجاهلية المعروف: إما أن تقضي، وإما إن تربي، قال الحطاب: وأما إذا التزم المدعى عليه للمدعي أنه إذا لم يوفه حقه في كذا، فله عليه كذا وكذا، فهذا لا يختلف في بطلانه؛ لأنه صريح الربا. وسواء كان الشيء الملتزم به من جنس الدين، أو غيره، وسواء كان شيئًا معينًا، أو منفعة. انتهى. نقلا من فتح العلي المالك.

والذي يمكن أن يعوّض عن مثل هذا الشرط، هو أخذ رهن من المشتري، يعطي لدائنه الحق في استيفاء دينه، إذا تأخر المدين في التسديد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني