الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب قضاء الفوائت وكيفية ذلك

السؤال

في البداية أشكركم على جهودكم المباركة في مساعدة المسلمين إلى كل ما فيه خير لهم في دينهم ودنياهم، عندي سؤال وهو: أنني منذ أربع سنوات أصبحت ملتزما بالصلوات وأداوم عليها ولله الحمد، لكنني أريد أن أسأل هل علي أن أقضي ما فاتني من الصلوات من قبل، وإذا كان علي قضاؤها كيف لي أن أقضيها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال العبد، فمن حافظ عليها فاز ونجا، ومن ضيعها خاب وخسر، وقد ثبت الوعيد الشديد في حق تاركها أو المتهاون بها، قال الله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59}، وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5}، ومن ترك بعض الصلوات المفروضة وجب عليه قضاؤها ولو كثرت عند جماهير أهل العلم، ففي المجموع للنووي رحمه الله: أجمع العلماء الذين يُعتَد بهم على أن من ترك صلاة عمداً لزمه قضاؤها، وخالفهم أبو محمد علي بن حزم فقال: لا يقدر على قضائها أبداً ولا يصح فعلها أبداً، قال: بل يُكثِر من فعل الخير، وصلاة التطوع ليثقل ميزانه يوم القيامة، ويستغفر الله تعالى ويتوب، وهذا الذي قاله مع أنه مخالف للإجماع باطل من جهة الدليل، وبسط هو الكلام في الاستدلال له، وليس فيما ذكر دلالة أصلاً. ومما يدل على وجوب القضاء حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المجامع في نهار رمضان أن يصوم يوماً مع الكفارة. أي بدل اليوم الذي أفسده بالجماع عمداً. رواه البيهقي بإسناد جيد، وروى أبو داود نحوه، ولأنه إذا وجب القضاء على التارك ناسياً فالعامد أولى. انتهى.

وكيفية قضاء هذه الفوائت ذكرها ابن قدامة في المغني قائلاً: إذا كثرت الفوائت عليه يتشاغل بالقضاء، ما لم يلحقه مشقة في بدنه أو ماله، أما في بدنه فأن يضعف أو يخاف المرض، وأما في المال فأن ينقطع عن التصرف في ماله، بحيث ينقطع عن معاشه، أو يستضر بذلك، وقد نص أحمد على معنى هذا، فإن لم يعلم قدر ما عليه فإنه يعيد حتى يتيقن براءة ذمته، قال أحمد في رواية صالح، في الرجل يضيع الصلاة: يعيد حتى لا يشك أنه قد جاء بما قد ضيع. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني