الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأركان والواجبات والسنن

السؤال

ما الفرق بين الأحاديث التي تدل على ركن، والتي تدل على واجب، والتي تدل على سنة في الصلاة، رغم أنها كلها أحاديث. وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قسم الفقهاء الصلاة إلى أركان وواجبات وسنن مع اختلافهم في ذلك، فأحيانا الواجب عند البعض يسمى ركنا أيضا، ومنهم من يفرق بين الركن والواجب.

والتفريق بين الأحاديث الدالة على كل من الركن والواجب والسنة راجع إلى الاستقراء، حيث يتميز الركن بكون تركه مبطل للصلاة، ولا يسقط في عمد ولا سهو بعكس الواجب والسنة عند من يرى هذا التقسيم قال ابن قدامة في المغنى:

وجملة ذلك أن المشروع في الصلاة ينقسم قسمين: واجب، ومسنون، فالواجب نوعان; أحدهما، لا يسقط في العمد ولا في السهو، وهو الذي ذكره الخرقي في هذه المسألة، وهو عشرة أشياء: تكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة للإمام والمنفرد، والقيام، والركوع حتى يطمئن، والاعتدال عنه حتى يطمئن، والسجود حتى يطمئن، والاعتدال عنه بين السجدتين حتى يطمئن، والتشهد في آخر الصلاة، والجلوس له، والسلام، وترتيب الصلاة، على ما ذكرناه.

فهذه تسمى أركانا للصلاة لا تسقط في عمد ولا سهو. وفي وجوب بعض ذلك اختلاف ذكرناه فيما مضى. وقد دل على وجوبها حديث أبي هريرة عن المسيء في صلاته. فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: لم تصل. وأمره بإعادة الصلاة، فلما سأله أن يعلمه علمه هذه الأفعال، فدل على أنه لا يكون مصليا بدونها. ودل الحديث على أنها لا تسقط بالسهو ; فإنها لو سقطت بالسهو، لسقطت عن الأعرابي لكونه جاهلا بها. والجاهل كالناسي. انتهى

وفي المجموع للنووي:

فرع في التسبيح وسائر الأذكار في الركوع والسجود، وقول: سمع الله لمن حمده، وربنا لك الحمد، والتكبيرات غير تكبيرة الإحرام كل ذلك سنة ليس بواجب، فلو تركه لم يأثم وصلاته صحيحة، سواء أتركه عمدا أم سهوا، لكن يكره تركه عمدا هذا مذهبنا، وبه قال مالك وأبو حنيفة وجمهور العلماء. قال الشيخ أبو حامد: وهو قول عامة الفقهاء، قال صاحب الحاوي: وهو مذهب الفقهاء كافة. وقال إسحاق بن راهويه: التسبيح واجب إن تركه عمدا بطلت صلاته، وإن نسيه لم تبطل، وقال داود: واجب مطلقا، وأشار الخطابي في معالم السنن إلى اختياره، وقال أحمد: التسبيح في الركوع والسجود وقول: سمع الله لمن حمده، وربنا ولك الحمد، والذكر بين السجدتين وجميع التكبيرات واجبة، فإن ترك شيئا منه عمدا بطلت صلاته، وإن نسي لم تبطل، ويسجد للسهو عنه، وعنه رواية أنه سنة كقول الجمهور. واحتج من أوجبه بحديث عقبة بن عامر المذكور في فرع أذكار الركوع، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله. وقال: صلى الله عليه وسلم { صلوا كما رأيتموني أصلي } وبالقياس على القراءة. واحتج الشافعي والجمهور: بحديث المسيء صلاته، فإن النبي صلى الله عليه وسلم علمه واجبات الصلاة، ولم يعلمه هذه الأذكار، مع أنه علمه تكبيرة الإحرام والقراءة، فلو كانت هذه الأذكار واجبة لعلمه إياها، بل هذه أولى بالتعليم، لو كانت واجبة ; لأنها تقال سرا وتخفي، فإذا كان الركوع والسجود مع ظهورهما لا يعلمها فهذه أولى، وأما الأحاديث الواردة بهذه الأذكار فمحمولة على الاستحباب جمعا بين الأدلة، وأما القياس على القراءة ففرق أصحابنا بأن الأفعال في الصلاة ضربان: أحدهما : معتاد للناس في غير الصلاة، وهو القيام والقعود، وهذا لا تتميز العبادة فيه عن العادة فوجب فيه الذكر ليتميز. والثاني : غير معتاد، وهو الركوع والسجود، فهو خضوع في نفسه متميز لصورته عن أفعال العادة فلم يفتقر إلى مميز والله أعلم. انتهى. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 12455.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني