الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الانتفاع بالمال المستفاد من عمل كان يجهل حرمته

السؤال

أشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع الجميل. لدي سؤال يحمل عدة أبعاد فأستسمح للإ طالة بعض الشيء:
1- زوجي كان يعمل قبل سنتين هنا في فرنسا في محل عربي يباع فيه مختلف المباحات من طعام و أثاث غير أنه يوجد قسم يباع فيه شرائط الموسيقى وقد كان يكلف زوجي ببيع الشرائط من وقت إلى آخر ويقوم بتشغيل شرائط أيضا ليستمع الزبائن حسب طلب صاحب المحل علما أن ذلك لا يستغرق وقتا كبيرا إذ أن عمله جله في المطعومات. فكنت لا أرى حرجا في ذلك لأني كنت آخذ بقول بعض العلماء في الجواز.وبعد أن قرأت رأيكم في ذلك اقتنعت بحرمتها. فما حكم الرواتب التي كان يتقاضاها زوجي في ذلك الوقت علما أنه لم يبق منها شيء سوى شيء من الأثاث.
أما الآن فزوجي يبحث عن عمل آخر و لإعالتنا إلى حين ذلك فالدولة تقوم بإعطائنا إعانة جزء منها ممول باقتطاع جزء من الراتب القديم.فما حكم ما نتقاضاه الأن.
وأخيرا كان لدي مال كنت أريد أن أعطيه لأمي لكي تدفع به ثمن عملية قلب وليس لديها ما يكفيها لذلك فلما علمت أن جزء مما نتقاضاه قد يكون حراما فقد غيرت نيتي إذ أعطيته لأمي بنية التخلص من الأموال المشبوهة فهل يجوز لي تغيير النية قبل العطاء إذ تطهير الأموال أولى من الصدقة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أحسنت وأحسن زوجك فيما ذكرته عنه أنه الآن يبحث عن عمل آخر لما علم بحرمة العمل الذي كان يمارسه.

وما دام زوجك قد مارس العمل المذكور وهو جاهل بتحريمه فإن المرتب الذي كان يتقاضاه لا حرج عليه في استعماله، طالما أنه تاب إلى الله منه، فإن الله تعالى يقول في حق المال المكتسب من الربا: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {البقرة :275}. والأورع له أن يتخلص مما بقي بيده منه إن كان قد بقي منه شيء غير الأثاث المستعمل، وذلك بصرفه في أوجه الخير والبر؛ لأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما أخبره غلامه أنه أطعمه طعاما أخذه من شخص قد تكهن له الغلام في الجاهلية، لما أخبره بأصل هذا الطعام أدخل يده في فيه فقاء كل شيء في بطنه، والقصة في صحيح البخاري.

فمن هذا يتبين لك أنه لا حرج عليكم فيما كنتم قد استفدتموه من الرواتب، وأنه لا حرج عليكم أيضا فيما تعطيه الدولة لكم من إعانة، ولو كان جزء منها ممولا باقتطاع جزء من الراتب القديم؛ لأن الراتب القديم حلال كما بينا.

ومن هذا أيضا تعلمين أنه لا فرق بين المال الذي كنت تريدين إعطاءه لأمك لتستعين به في تكلفة العملية، وبين إعطائها جزءا من الإعانة، وإن كان الأفضل هو أن يكون المدفوع لها جزءا من الإعانة على سبيل التخلص مما فيها من شبهة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني