الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شروط قضاء الدين بما يساويه من غير جنسه

السؤال

أنا أملك مجوهرات ذهبية ورثتها من والدتي وأختي ترغب في شراء عقد ذهبي من هذه المجوهرات وفي الوقت نفسه أنا اشتريت عمارة ملكا لوالدتي المتوفاة وأخواتها (ورثة) من الورثة اللاتي هن خالاتي+ والدي وأخي وأختي وعليه يجب أن أسدد لأختي مبلغا من المال مقابل نصيبها في البيع، فهل يجوز أن أعطيها العقد الذهبي مقابل هذا المال أم يجب أن آخذ منها ثمن العقد أولاً وبعد ذلك أعطيها مالا مقابل شراء العمارة، وإذا لم تكن تملك هي المال فهل يجوز إقراضها مالا لإعطائه لي مرة ثانية لشراء العقد مني ثم أعطيها مقابل الشراء العمارة؟ جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأنت مخير بين أمرين:

الأول: أن تعطيها ما لها من ثمن هذه العمارة، ثم إذا شاءت اشترت منك العقد المذكور.

الثاني: أن تعطيها هذا العقد سداداً لدينك؛ لأن للمدين أن يقضي دينه بما يساويه من غير جنسه إذا تراضى مع الدائن على ذلك، ومعلوم أن كلاً من النقود والذهب في باب البيع جنسان مختلفان، فهما أشبه ما يكون ببيع الذهب بالفضة، ولكن يشترط لذلك شرطان:

الأول: أن يكون ذلك بسعر الذهب يوم السداد، فلا يجوز أن تأخذ أختك أكثر مما لها في ذمتك لأن هذا يدخل في ربح ما لم يضمن، فعلى سبيل المثال لو كان ثمن العقد عشرة آلاف في السوق فلا يجوز أن تأخذه بثمانية آلاف لأنها تكون بذلك قد ربحت فيما لم تضمن حيث إن ما تستحقه من ثمن العمارة لم يكن قد دخل في ضمانها حتى تربح فيه، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن. رواه الترمذي وأبو داود والنسائي، وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية عن الإمام أحمد ما يدل على ذلك فقال: وهكذا قد نص أحمد على ذلك في بدل القرض وغيره من الديون إنما يعتاض عنه بسعر يومه، لئلا يكون ربحا فيما لا يضمن.

الثاني: أن لا تفترقا وبينكما شيء ليحصل التقابض المشترط للمنع من الربا.

والأصل في ذلك حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في المسند والمستدرك والسنن، قال: كنت أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ بالدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ بالدنانير، فوقع في نفسي من ذلك، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيت حفصة أو قال حين خرج من بيت حفصة فقلت: يا رسول الله رويدك أسألك: إني أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، فقال: لا بأس أن تأخذهما بسعر يومهما ما لم تفترقا وبينكما شيء. قال الشوكاني في نيل الأوطار: فيه دليل على جواز الاستبدال عن الثمن الذي في الذمة بغيره. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 49094.

وننبه إلى أن خالاتك لا يرثن من أمك لأنهن محجوبات بوجودك ووجود أخيك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني