الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مفهوم الجماع في الدبر وحكمه

السؤال

صديقة زوجتي ملتزمة محجبة، وزوجها ملتزم كذلك، ويبدو أن لديهما طابعًا جنسيًّا حارًّا؛ فقد أسرّت المرأة لزوجتي أنهما أحيانًا يمارسان الجماع من الدبر، مع علمهما أنه حرام، وقد أفتت زوجتي لها بأنها تعد طالقًا من زوجها، فقلت لزوجتي: إن هذا حرام، لكننا لم نسمع أنه يؤدي للطلاق، فأفيدونا -أفادكم الله-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الجماع من الدبر يفهم منه أمران:

الأول: أن يكون الجماع من جهة الدبر، ولكن الإيلاج يكون في القبل (الفرج)، وهذا جائز.

الثاني: أن يكون الجماع في الدبر نفسه، محل الأذى، وهذا محرم تحريمًا غليظًا، وفاعله مرتكب كبيرة من كبائر الذنوب.

ولا يجوز للزوجة أن تطاوع الزوج في ذلك؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

ومجرد ممارسة هذا الفعل، لا يحرّم الزوجة على زوجها، ولا يجعلها طالقًا.

ولكن إذ أصرّ الزوج على إجبارها على هذا العمل المحرم، فعليها أن ترفع الأمر إلى المحاكم الشرعية؛ ليجبروه على الكف، أو يطلقوا الزوجة عليه، ولمزيد من التفصيل في هذا الموضوع تراجع الفتاوى: 1410، 4340، 8130، 1884، 8010.

وننبهكم إلى أمرين اثنين:

الأول: أنه لا يجوز لأحد من الزوجين أن يفشي ما يحصل بينهما، إلا إذا كانت هنالك حاجة معتبرة شرعًا تدعو إلى ذلك، لا يمكن تحقيقها بغيره، كالاستفسار عن حكم شرعي، وفي هذه الحالة يقتصر على ما تحل به الغاية فقط، ولا يجوز ذكر ما سوى ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها. رواه مسلم.

الأمر الثاني: أنه لا يجوز لأحد أن يفتي في أمر من غير علم؛ لأن المفتي في الحقيقة مخبر عن حكم الله تعالى في ذلك الأمر، فمن أفتى بغير علم، فقد تقوّل على الله تعالى، وافترى عليه، وقد قال الله تعالى: وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ [النحل:116] .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني