الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم نفقة الوالد على ولده المعسر

السؤال

أنا موظف ذو دخل محدود ووالد لثلاثة أولاد أكبرهم يتابع دروسه الجامعية وأصغرهم يعاني من مرض نادر وهو تأخر قوي جداً في النطق مع زيادة في النشاط ونقص في الانتباه وهو يحتاج إلى علاج طويل المدى ومكلف جدا وقد رزحت الآن تحت ديون كبيرة جداً تتجاوز قدرتي على إيفائها أو القيام بأعباء العائلة وتعليم الأولاد ومتابعة علاج ولدي الصغير وهو الآن في التاسعة من عمره ومن المقدر استمرار العلاج لغاية بلوغه سن السادسة عشر مع مدرسة خاصة لحالته, ونظراً لما تقدم طلبت من والدي أن يبيع قطعة من الأرض لأتمكن من خلالها أن أفي بديوني الكبيرة وأن أتابع علاج وتعليم ابني ولكنه رفض متحججا بحجج بسيطة غير ذي بال، ولكي أبين له حسن نيتي قلت له إنني مستعد أن أتعهد وبصورة قانونية أن هذه القطعة من الأرض هي جزء من حصتي التي أستحق من إرثي منه، مع علمي أن للأبوين الحرية المطلقة أن يهبا ما يشاءان من الكم والنوع لهذا أو ذاك من الأبناء إذا كان هذا الولد محتاجا فعلا، علما بأن إخوتي جميعم أحوالهم ممتازة جداً من وظائفهم الهامة أو قدرتهم المادية في جميع المجالات بما فيه امتلاكهم لمنزل في حين أن المنزل الذي أقطن فيه مستأجر, وأن والدي يعلم جيدا أنني رجل أخاف الله سبحانه وتعالى ولا أبذر الأموال بل إن المصاريف هي فوق طاقتي، علما بأنه مهما حصل لن أغضب والدي ولن أقطع صلة الرحم، والسؤال هو: هل لوالدي شرعا أن يمتنع عن مساعدتي وأنا أكاد أغرق من الديون، أو ليس ملزما شرعا بمساعدة أي من أولاده إذا كان محتاجا فعلا لهذه المساعدة، ألا يستطيع والدي شرعا أن يهب مالا أو أرضا لأي من أولاده بكل حرية إذا رأى هذا ضروريا؟ والله ولي التوفيق.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن من وصفت يستحق المساعدة من الأب وغيره وخاصة إذا كان الأب ميسور الحال، وإذا كان سبب امتناع الأب من المساعدة هو الخوف من الجور وعدم العدل بين أبنائه الممنوع شرعاً، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 6242. فإن أهل العلم نصوا على جواز المفاضلة بينهم إذا كان أحدهم أكثر حاجة وأشد فقراً أو ذا دين لا يقدر على سداده ونحو ذلك، فيجوز حينئذ أن يخص ويفضل في العطية لحاجته أو كثرة عياله. وبإمكانك أن تطلع على أقوال العلماء في ذلك في الفتوى رقم: 64550.

ولذلك فلا مانع شرعاً أن يهب لك والدك أرضاً أو غيرها من أمواله دون أن يهب شيئاً لبقية أبنائه نظراً لحالتك الخاصة، وليس ذلك على سبيل الوجوب؛ لأن الولد إذا بلغ وكان قادراً على الكسب سقطت نفقته عن أبيه عند الجمهور، وسبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 79609، والفتوى رقم: 25339 وما أحيل عليه فيهما.

وفي حالة عجز الأب عن نفقة أولاده فقد اختلف أهل العلم في وجوبها على جدهم، فذهب المالكية ومن وافقهم إلى عدم الوجوب، وذهب الحنابلة ومن وافقهم إلى وجوب النفقة على الجد.. فقد جاء في كتاب الإقناع مع شرحه كشاف القناع للبهوتي الحنبلي قوله: ويجب عليه أيضاً نفقة ولده وإن سفل... ولو حجبه معسر كجد موسر مع أب معسر، وكابن معسر مع ابن ابن موسر فتجب النفقة في المثالين ولا أثر لكونه محجوباً لأن بينهما قرابة قوية... انتهى منه بتصرف يسير.

وأما أخذك لقطعة من أرض والدك مقابل نصيبك في تركته فإنه لا يصح فقد تموت قبله فلا يكون لك نصيب من تركته، وقد لا يكون لأبنائك نصيب من تركته إذا كان معهم من يحجبهم من الأولاد المباشرين، وعلى كل حال فما دام الأمر كما وصفت فإن على أبيك أن يساعدك إما على الوجوب أو الاستحباب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني