الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل بمؤسسة تأمينات لا تراعي الضوابط الشرعية

السؤال

أود أن أستفتي و إن شاء الله ستكون فتوى تحسم هذا التضارب في الظنون الذي يأخذ مني يمنة ويسرة ..
أبلغ من العمر 27 سنة، أعزب، حاصل على دبلوم مهندس دولة في الإعلام الآلي و حاليا أستكمل دراستي العليا بنفس التخصص، وأشتغل بمؤسسة مالية اسمها الصندوق الجهوي للتعاون الفلاحي كمهندس للإعلام الآلي.
هاته المؤسسة (ص ج ت ف ) هي صندوق تأمينات فلاحية، تقوم على مبدأ التعاون أي أن رأس مال هذا الصندوق مكون من اشتراكات الفلاحين، وموجهة لتأمين الأخطار على ممتلكاتهم غير أنها حاليا تنشط في كافة مجالات تأمين الأخطار، وأعتقد أنها لا تراعي مبدأ استرداد الأرباح للفلاحين المشتركين بعد نهاية السنة و التي تضمه إلى رأس مالها غير أنها تعوض عن الممتلكات المؤمنة و التي تعرضت وقت التامين لحادث.
تمتلك هاته المؤسسة ايضا بنكا يسمى بنك التعاون الفلاحي الذي يتعامل مع المواطنين و تستخدمه الدولة في تنفيذ بعض مشاريعها الاستثمارية الكبرى (كالمخطط الوطني للتنمية الفلاحية ...الخ)
لي أكثر من سنتين و نصف بهذا العمل ( لي رتبة في العمل أقل من تلك التي أستحقها والتي ينص عليها القانون غير أني لم أطالب بها).
أما عن وضعي العائلي، فوالدي توفي منذ مدة بسيطة -رحمة الله عليه و على جميع موتى المسلمين- لي 5 إخوة وأخوات من الأب يسكنون ببيت والدي الصغير و تأخذ زوجة والدي راتبا عن شغل والدي السابق يقدر ب 10000 دينار جزائري و التي هي أقل من الأجر الأدنى التقاعدي الذي حددته دولة الجزائر.
من شغلي هذا، أحاول إعانة إخوتي، و أستعين بها على عيشي مع العلم أني أسكن ببيت جدي مع والدتي المطلقة و جدتي و خالي و زوجته. والذين أعتبر أن حالتهم المادية ميسورة و الحمد لله.
لا أملك مسكنا رغم قدرتي على طلب سكن تساهمي الذي يتعامل فيه مع البنوك و به فوائد ربوية لذلك أرفضه البتة.
المشكلة يا شيخي الفاضل بعملي فيه شبهة و قد تكون حرمة لكوني أعمل بمؤسسة مالية (تأمينات) لا تراعي الضوابط (رغم أنه في الأصل تأمين تعاوني) و بنكها يستعمل قروضا ربوية ...الخ
فهل أمسك علي عملي إلى أن أجد عملا آخر ؟ رغم صعوبة الحصول على عمل (ظاهرا) أم أتركه فورا بتقديم استقالتي، و بعدها أبحث عن عمل أخر ؟
و ما الذي أفعله بمبلغ المال الذي ادخرته من رواتبي السابقة والذي كنت أنوي به إعانة أخي على شغل والاستعداد لأمور أخرى ...
أنتظر فتواكم يا شيخي الفاضل لأفصل في هذا الذي طال مده معي و جزره.
بارك الله فيكم و أسال الله العظيم أن يرينا الحق حقا و يرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا و يرزقنا اجتنابه.
بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

خلاصة الفتوى

لا يجوز لك العمل في هذه المؤسسة في قسم الإعلام الآلي إذا كانت له علاقة بعملها المحرم كالترويج له أو نحو ذلك، لما في ذلك من الإعانة على الحرام لكون هذه الشركة لا تنضبط بالضوابط الشرعية في معاملاتها، بل عليك تقديم الاستقالة فورا وسيرزقك الله خيرا مما تركت.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما دامت مؤسسة التأمينات التي تعمل بها ليست تعاونية ولا تلتزم بالضوابط الشرعية في معاملاتها فلا يجوز لك البقاء للعمل فيها إذا كان لعملك فيها إعانة لها على ما تمارسه من الأعمال المحرمة، بل عليك تقديم استقالتك فورا والبحث عن عمل آخر تكسب منه رزقا حلالا في أسرع وقت ممكن، والله تعالى سيرزقك من فضله إذا علم صدق نيتك، فقد قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2-3}، وقال: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً {الطلاق: 4}.

وفي الحديث الشريف: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه أبو نعيم في الحلية وصححه الحاكم والألباني. وفيه أيضا: إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه. رواه الإمام أحمد وصححه شعيب الأرناؤوط.

فثق بهذا المعني الرباني وتعامل مع الموضوع من هذا المنطلق وأبشر بالخير والبركة في النفس والمال والولد والحصول على المال الحلال الطيب.

وأما المال الذي أخذته مقابل العمل المحرم فعليك أن تصرفه فيما تصرف فيه الأموال العامة كالإنفاق على الفقراء وبناء الطرق، وإذا كنت أنت فقيرا فلك أن تأخذ منه بقدر حاجتك، وتراجع الفتوى رقم: 49901، والفتوى رقم: 78052، والفتوى رقم: 71980.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني